اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو


سوف أعيد نص كلام السيد رئيس مجلس النواب العراقي في 27/5/2006 في فندق الرشيد بحضور ممثل الامين العام للامم المتحدة أشرف قاضي ومندوبين عن سفارة الولايات المتحدة وبريطانيا وممثل مجلس الأقليات العالمي لمناسبة اختيار برلمان الاقليات في العراق، حيث قال "في جميع بلدان العالم، تعتبر حقوق الاقليات بمثابة البارومتر الذي بموجبه يتم تحقيق الديمقراطية، وإنني من اليوم فصاعدا سأبذل قصارى جهدي لتحقيق هذا الهدف وساكون بجانب اي قرار يدعم حقوق الاقليات". وساذكّر هنا أسماء السادة الذين كانوا في ذلك المحفل من (النواب) الذين يمثلون الاقليات في المجلس النيابي وهم: الدكتور حنين قدو رئيس مجلس الاقليات العراقي، السيد يونادم كنا والسيد أمين فرحان الذي غادر القاعة مباشرة بعد إستماعه إلى كلمة رئيسه الدكتور المشهداني وبحضور عدد كبير من السادة الوزراء والنواب، واذكر منهم علي الدباغ الناطق الرسمي لمجلس الوزراء وصفية السهيل وبختيار أمين وغيرهم.
والله محتار كيف ابدأ كلامي وبماذا اتحدث عن هذا الذي يجري في بلد يدعي القائمين عليه بالديمقراطية ولكنهم يسبقون حتى أعتى الدكتاتوريات المقيتة في تطبيق الطغيان. فأكثر المواد التي جلبت انتباهي في القانون الجديد هي المادة 39 الخاصة بالعقوبات. وهنا اريد أن اقول كلاماً بحكم حضوري في الانتخابات التي جرت عام 2005، لو يتم تطبيق هذه الفقرات بنزاهة (واقولها بنزاهة)، سوف لم يبقَ مرشح واحد أو لم تبق كتلة واحدة خارج السجون بعد ساعة من انتهاء الانتخابات، وأن أقل الاحكام ستكون سنة سجن مع اقصى حد ممكن من الغرامات. ومن أطرف ما رأيته فيها آنذاك هو منع ممثل الحزب الشيوعي السيد حسن البيطار بالإدلاء بصوته في المركز الانتخابي في سنجار (تصوروا حزب يمنع ممثل الحزب الاخر من الادلاء بصوته وحقه الانتخابي). وعندما رآني السيد حسن قبل الدخول لقاعة التصويت قال لي: اتمنى لو تتفهم مع الادارة لكي أدلي بصوتي لانهم يمنعوني حتى من ذلك ولا يسمحون لي بالدخول في الغرف التي تجري فيها الانتخابات. فعلى مَن هذا الضحك يا مجلس النواب وهذا التأجيل والفنطازيات والعنتريات في اصدار الاحكام. هل يوجد حزب واحد من الداخلين في الانتخابات من غير أن يكون له ميليشيات تحكم وتقتل وتجرم وتعيث فسادا ماليا وسياسيا واخلاقيا؟
إذن، فالموضوع أصبح كما هو في حالة الحلاق الذي يعِلم خلفته على تعليم الحلاقة برأس الاطفال، فالسادة في مجلس النواب بدأوا يتدربون على تطبيق الديمقراطية في نصيب الأقليات، ولكن بخبث وبدراية معمقه في الخباثة والجريمة وخيانة حقوق الانسان ومخالفة صريحة للمادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي وقع عليها العراق ووافق على تصديقها. وفي حقيقة الامر لم اكن من المتفائلين في القانون الاول قبل حذف المادة الخاصة بمنح حقوق الاقليات. وقد غمرتني السعادة في هذا القانون الذي استبعد الاقليات لكي لا يقول بعض المنافقين بأنه لولا تدخل الجهة الفلانية لما حصلنا على هذه المقاعد ويذهب إلى المديح والنفاق.
ففي رأيي وكما أثبتت الوقائع، فإن الاقليات لا تحتاج إلى ممثلين لانهم ليسوا طرفاً في خلق البلبلة والارهاب والقتل ولم يكونوا سبباً في التهجير والنزوح والتفخيخ، بمعنى لم يساهموا في هز الاستقرار السياسي للسادة المسئولين ولهذا لا يحق لهم التمثيل. فإذا اردت أن تكون معروفاً في العراق، عليك أن تهز اركانه لكي تحترم وإلا فليس لك حق ولن يتذكرك احد في يوم الحساب.
واتذكر في مقابلتي مع السيد اشرف قاضي بتاريخ 30/11/2005، حول ما يمكن ان يحصل من تزوير في الانتخابات التي ستجري في 30/12/2005 قال؛ سوف نعمل على تكثيف وحدات عسكرية في مناطق تواجد الاقليات بدلا من التنظيمات الحزبية والقوات التي تمتلكها الاحزاب لكي تسير الامور بسلاسة، وكان ذلك بحضور الممثل العسكري لقوات التحالف. فبعد حديث ساخن وتقديم الادلة بالخروقات التي حصلت، اعترف صراحة بحدوث خدوش كبيرة في الانتخابات السابقة وبذلك سوف نعمل على تجاوزها قدر الامكان ولكن عليكم التعاون معنا. حينها قلت له، هل تعرف كم هي أهمية الاقليات في محافظة نينوى لوحدها؟ وهل تعلم لولا الايزيديين فيها لفشلت العملية السياسية بأكملها في العراق في 15/10/2005 اثناء الاستفتاء على الدستور؟ عندها أعترف صراحة واشاد بدورهم في هذا المفصل الحيوي. فمبروك للقابلة المأذونة (الاقليات العراقية) التي اشرفت على الولادة غير الطبيعية للدستور العراقي في قرى وارياف الموصل الحدباء لكي ينكح بعد شبابه حقوقهم وينكر عليهم حق الحياة والابوة. إذن لماذا هذا الاستخفاف بحقوق الانسان؟ إنه موقف حرج ومخزي بحق الانسانية.
لذلك نقول، يبدو أن السادة في البرلمان العراقي خلقوا تلك المشكلة في المادة 24 من قانون انتخابات مجالس المحافظات يوم 22/8/2008والخاصة بمحافظة كركوك لكي يقصفوا بها هذه المكونات بما هو اعتى واقصى مما استخدمه علي الكيمياوي في حلبجة. فقد تم استخدام تلك المادة السامة في حدود بلدة واحدة وراح ضحيتها من راح، وفي اضعف الايمان سيقام لهم سنويا مهرجانا يتم التذكير بمعانات ذويهم ومن سلم من الكارثة. ولكن ماذا يمكن ان يعمل أكثر من ثلاثة ملايين إنسان من الاقليات بمن فيهم المهجرين والنازحين والذي يشهد لهم الارض والشجر والهواء والقبور قبل المكونات الرئيسية من دون حقوق. وكيف سيتم التعامل معهم؟ وبماذا يمكن مطالبتهم؟ وإذا كانت هذه هي البداية فكيف سيكون الامر عند التعيينات والبعثات والزمالات والوظائف وما يترتب عليها ومَن سيذكر الاخر بحقوق الاقليات؟
فلعمري، دكتاتورية صدام حسين كانت ارحم من ديمقراطيتكم. فهي كانت تشمل الجميع بدون استثناء، بل كان يستهدف القوي قبل الضعيف، ولكنكم تستهدفون الضعيف وتستولون على حقوقه وتنتزعونها تحت اسم الديمقراطية وتحت (قبة البرلمان).
لقد انسحب النائب ابلحد افرام من قائمة التحالف الكردستاني احتجاجا على موافقة نواب الكتلة الكردية بالاجماع على حذف حصة الاقليات من قانون الانتخابات، وعدم التزامها بتعهداتها السابقة بشأن تمثيل الاقليات في المجالس المحلية والبرلمان العراقي ويبدو أنها أتت كحلم للكتلة الكردية لتنهي دستوريا مشكلة الاقليات في العراق حيث غالبيتهم في أطراف محافظة نينوى وقد قدم البرلمان هذه الهدية من غير جزية، وقلت قبل هذا الوقت بأنه سياتي اليوم الذي يحصل التساوم على الاقليات فيما بين الكتل السياسية، وقد تحقق ذلك على ارض الواقع. لقد فعلت خيراً أيها النائب الشجاع.
في مقابلة مع نيوز ماتك قال النائب هشام الطائي "أن بعض الاقليات ليست ضمن مستوى الاقليات واعدادها تتراوح مابين 400-600ألف نسمة ولذلك لا يمكن حسبانها مع الاقليات التي لا تتمكن من حشد الاصوات اللازمة للحصول على مقاعد كالصابئة". وقال أيضا " أن مجلس النواب حذف باغلبية اصواته المادة التي تنص على وجوب حصة مقررة للأقليات في مجالس المحافظات"
يا سلالالالام على هذا التوضيح والتحليل من قبل نائب في برلمان ويمثل دولة وشعب. أولا؛ معروف في جميع انحاء العالم مفهوم الاقلية والاغلبية وسوف لن اشرحه للسيد الطائي. وثانيا؛ فالصابئة هم أكثر الاقليات بحاجة إلى تمثيل وعددهم لايتجاوز الان في العراق بعدما استلم السيد الطائي وغيره قيادة العراق ال(50 ألف). فكيف نرجو من هكذا داهية أن يحل مشاكلنا؟ ثم يتباهى بحذف المادة ويقول بان البرلمان وافق بالاغلبية على حذفها. وهنا يبرز سؤال مهم ويطرح بنفسه رغما عن انف المشهداني والطائي والطالباني والمالكي وجميع من في الدولة العراقية: العرب والمسلمين في سنجار لا يتجاوزون 15% من مجموع السكان فيها وأن اكثر من 85% ايزيديين ومع ذلك رئيس المجلس البلدي هو مسلم كردي، فمن سيمثل هذا القضاء في العهد الجديد؟
ولي في الاخير نصيحة للمفوضية (المستقلة)، أنه لا تحتاجون إلى مراقبين دوليين ولا مراقبين محليين لآنكم طبقتم كل معاني الديمقراطية مسبقا وسبقتم الديمقراطية بحالها. فلماذا هذه الاموال والمصاريف والاتعاب؟ اقترح ان يتم توزيع تلك الاموال المرصودة لهم فيما بينكم وستكون العملية الديمقراطية وسير الانتخابات بكل خير.
في عام 1998 دارت مناقشة بيني وبين استاذ معي في الجامعة وكنا نتحدث عن دور وزارة التخطيط في التنمية فإذا به يفاجأني بقوله؛ إننا لا نحتاج وزارة التخطيط فقلت له غاضباً كيف لا نحتاج وزارة التخطيط؟ فقال ضاحكاً يا أخي نحن عبرنا مرحلة "التخ" والان نحن في مرحلة "طيط".
والسلام على العراق الجريح.

علي سيدو رشو
القاهرة في 27/9/2008

0 التعليقات: