اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو

علي سيدو رشو
في مثل هذه الظروف والايام التي يحصل فيها هذا الكم الهائل من الاحتجاجات على الانظمة العربية وحكامها على طول العالم العربي وعرضه، والتي خرجت عن المألوف ومن رحم المعاناة التي لم يكن بالامكان من التستر عليها اكثر من هذا الوقت. فالانطمة العربية التي جثمت على صدور شعوبها منذ ستينات القرن الماضي، أتت جميعها إلى الحكم بنفس الطريقة وحملت نفس الشعارات ونادت بنفس الاهداف. ولكن الذي يحصل اليوم من ثورات شعبية واحتجاجات حول اصلاح الوضع الخدمي ومكافحة الفساد المالي والاداري والقمع الصحفي، حاملين الفوانيس والبراميل الفارغة ولافتات كتبت عليها (كفى)، وهي كناية عن حجم المعاناة ومقدار الفساد الاداري والمالي. كان هو الاخر يحمل في طبيعته صورة احتجاجية واحدة للرد على جميع تلك الوقائع التي مضى عليها نصف قرن من الزمان، وهي تعد من اخصب الفترات التي مرت بها البشرية عبر التاريخ من حيث التقدم نحو المدنية والتطور التكنولوجي والتواصل المعلوماتي الذي خسره العرب من عمر اجيالها بسبب ذلك الفساد الذي أتى به الحكام العرب باشكاله المختلفة. فالمطاليب كانت هي نفسها من شمال العراق إلى جنوبه، وهو إصلاح الواقع السياسي والخدمي والامني وحماية كرامة الانسان التي وصلت ادنى مستوياتها. وعلى قدر ما فرحت الشعوب العربية في تلك الفترة بحكامها لما حملوا من شعارات واحلام رحبوا بها آنذاك، بقدر ما تحتاج تلك الشعوب اليوم لآلاف التضحيات لإزاحة واقتلاع تلك الرموز والخلاص منهم كما حصل في تونس ومصر، وما سيحصل في اليمن وليبيا وايران والعراق وغيرها، حتماً.
الواقع الحالي
بإجراء مقارنة بسيطة بين ما كان يحصل ايام الانقلابات في ستينات القرن الماضي وما يحدث هذه الايام، نجد بأنه لم يكن حينها هذه الدرجة من الفساد المالي والاداري، ولم يكن القتل الجماعي بهذه الوحشية، وكذلك لم يكن القتل على الهوية بهذا السلوك الهمجي وبسلاح الحكومة الذي اشترته بثروات ابنائه. فالمنهج الجماعي لتلك الحملان الوديعة هو الديمقراطية، ولكنه كان ولايزال مبطناً بالانتقام بالحديد والنار والقتل والتهجير والتحقير والافساد ونشر مكامن التخلف والرذيلة بهدف السيطرة على الواقع متى ما طلب الشعب بحقه الدستوري بمطالب شرعية وقانونية، التي هي مطالب موحدة في أرجاء العراق وبين عموم الطبقات الاجتماعية على اختلاف أديانها ومذاهبها ومناطقها وتوجهاتها السياسية. فاليوم تبّين زيف الحكومة عندما لجأت في اول تجربة لها مع الشعب إلى استخدام السلاح الحي في قتل المتظاهرين العزل وتخوينهم، وقمع الاعلام مستخدماً الطيران السمتي والرصاص الحي والقنابل الصوتية كرد فعل على مطالب المتظاهرين المتمثلة بتحسين بنود البطاقة التموينية وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد والمطالبة بإعادة البنية التحتية والخدماتية.
فيبدو بأنه مع التقادم، سيزداد حجم الهوة مابين الشعوب والحكام في الانظمة القمعية التي مارست جميع اشكال الفساد والافساد، لأنه لم يعد الحديث عن الديمقراطية كافياً ومجدياً مالم ترافقه خطوات عملية، وأن حكام اليوم لا يتفهمون المطالب المشروعة للاجيال القادمة ومعاناتهم. فهم من جهتهم يشدون تلك الاجيال بحبال التخلف والعودة بهم إلى الوراء، والسكون والركود، وكذلك الحفاظ على المجد المزعوم والتغني بالبطولات الوهمية والنظر إلى المستقبل بعين لا تفرق بين اليوم والامس. بينما تتطلع الاجيال الصاعدة لحياة حرة كريمة تريد أن يكون لها دور فاعل في صنع المستقبل وردم الهوة التي خلقتها مجموعة الحكام الذين لم يعودوا يتفهمون ما تريده هذه الاجيال، أو أنهم يتجاهلونها عن عمد، وإن تطلب إصلاح الامر، فهو بالحديد والنار ولتذهب الاجيال إلى الجحيم.
إذن، بدأت ساعة الصفر تدق أجراسها باعلى ما تمتلك من طاقات كامنة لتعلن الرفض وتخرج عن صمتها وتصب جام غضبها على الواقع الفاسد ومحاسبة المفسدين علناً وجهاراً، وكانت الشرارة عندما حصلت مشادة كلامية جريئة بين احد رجال الدين ومحافظ البصرة. وما حصل بالأمس عندما أعلن أحد كبار القادة العسكريين وهو الفريق عبدالعزيز الكبيسي بالتنازل عن رتبته العسكرية احتجاجاً على هذا الفساد المستشري، وتواصل الاحتجاجات والمظاهرات وامتدادها على مساحة الوطن حاملين شعارات سلمية تطالب بتحسين الواقع نحو الافضل. وعلى الجانب الثاني، هنالك حالة هستيريا واضحة تتخبط فيها الحكومة حالياً من حيث نشر المخاوف من خلال توزيع نشرات سرية وتكليف المخبر السري، وتكليف وحدات عسكرية لتخويف وتخوين المتظاهرين، وضربهم وإجبارهم على التفريق ومداهمة مقرات مراصد الحريات في بغداد ومصادرة أجهزة الحاسوب الخاصة بهم. فعلى ماذا تخشى الحكومة العراقية بعد ثماني سنوات من الخراب والدمار في جميع مرافق الحياة بطريقة لم يشهد التاريخ مثيلاً له، إلأ اللهم بالتستر والابقاء على زمر المفسدين الذين يعيشون خارج التاريخ، وهي لا تستطيع أن تساير الواقع الذي يريده الشعب بحقه في الحياة والحرية والكرامة؟
وفي اعتقادي فإن الامر سيتجاوز الحكام فيما إذا استمروا بمواصلة نهجهم التخويني للمتظاهرين ووصفهم اياهم بما لا يليق بهم من نعوت. فحكام اليوم اصبحوا عوامل معرقلة بوجه من يتطلع إلى الحياة الكريمة التي تتفهمها الاجيال الصاعدة والتي لم تعد بحاجة لهذا الدجل في تغطية الحقائق، وأن مجمل مفاصل الحياة بدأت تصرخ من الاعماق ولابد من مستجيب لهذا الانين. فالشباب الواعي من كلا الجنسين هم الوحيدين الذين عليهم ان يستجيبوا لهذا الظلم والقهر عن طريق الاحتجاج والتظاهر والاعتصام السلمي والعصري وإرسال الرسائل الواضحة التي تطالب بالتغير الجدي وليس الترقيع الذي يهدر المال والجهد والوقت، لأنهم هم الشريحة الاكثر تضررا من بقية فئات الشعب. وهم الاكثر وعياً وحيويةً، وكذلك هم الاقدر على التغيير، حيث أن واقع الحال يتحدث عن الخراب والتخريب المنهجي في عموم مناطق العراق ومفاصله الحيوية.
إن سرقات المال العام قد تكون غير مرئية بشكل واضح بالنسبة للغالبية العظمى من الشعب العراقي على وجه الدقة، وإنما يمكن التنبأ بها عن طريق معرفتهم بمقدار الدخل اليومي من صادرات النفط واسعاره مقارنة بما كان في ايام النظام السابق، وكيف أمّنَ البطاقة التموينية بفعالية آنذاك، وأسعار النفط حالياً. بينما في كردستان، فالحال لا يختلف من حيث الجوهرعن ما موجود في باقي العراق بسبب ما يشاهده المواطن الكردي البسيط من حوله من ابراج وعمارات وأملاك وعقارات وترف غير معقول وغير مسبوق لمتنفذين مدعومين من الحزبين الكرديين الرئيسيين، وهم معروفون لعامة الشعب الكردي بتاريخهم الشخصي السيء بما اقترفوه من انتهاكات، وهم غير بعيدين عن أعين العامة من المواطن الكردي، بما نهبوه من قوتهم بتغطية من المتنفذين في السلطة الحزبية والحكومية. فالحكومة في بغداد تتوعد وتقتل الشعب بالسلاح الحي، بينما تتوعد حكومة كردستان، الشعب الكردي الثائر ضد الفساد بقطع اليد عندما يتظاهرون ضد الفساد ويطالبون بمستحقاتهم الانسانية. لذا، ولكي تأخذ (الديمقراطية العراقية)، طريقها الصحيح للتنفيذ، ننصح بأن يكف العراقيين عن (القيام بالتظاهر) بناءً على طلب السيد المالكي. بينما ننصح بأن يضع المتظاهرين من الشعب الكردي أيديهم في جيوبهم لكي يبعدوا اياديهم عن شبهات القيام بالتظاهر ولا يتم قطعها بعد التظاهر. إذن ما الفرق بين ما كان يحصل في الامس عنها ما يحصل اليوم عندما يٌقتل الشعب الاعزل بالرصاص الحي في الرأس والصدر (من فوق الحزام)، أثناء التظاهر لمجرد المطالبة بتحسين ظروف الحياة التي تعهدوا بها هم للشعب العراقي قبل السقوط وبعده بقليل.
وبهذه المناسبة نناشد المجتمع الايزيدي بأن لا يتخلف عن مناصرة الشعب العراقي في محنته الحالية والقيام بدوره كمكون أساسي منه، والمطالبة بحقوقهم من خلال المشاركة في الاحتجاجات، حاملين الشعارات السلمية التي تطالب بمستحقات الشعب الدستورية والاستفسار عن النقاط التالية فيما يخص مصيره.
1: مطالبة أعضاء مجلس محافظة نينوى من الايزيديين بالكف عن المقاطعة وحثهم على المطالبة بحقوق ناخبيهم الذين أوصلوهم إلى ماهم فيه اليوم، أومطالبتهم بالاستقالة. وفي حالة عدم استجابة الناخبين لأي من المطلبين، عليهم إصدار بيان شعبي بعدم شرعية أعضاء مجلس المحافظة القابعين في بيوتهم لعامين متكاملين بالتحدث باسم الايزيديين مستقبلاً، ويترك حكمهم للتاريخ الذي سيحاسبهم بما يستحقون.
2: المطالبة الملحة والعاجلة بتوزيع الصكوك الخاصة بالترحيل بعد خمس سنوات من التخصيص من قبل الحكومة الاتحادية. والسؤال عن، أين حق البقية الباقية من المستحقين؟ من المسئول عن تأخير توزيعها لحد الان؟
3: رفع شعار ومطالبة الحكومة الاتحادية بتوضيح مصير الميزانية الخاصة بمناطق الايزيدية لتحديد الجهة المعنية التي بذمتها تلك الميزانية، ومن يتصرف بها لحد الان، والمطالبة بمستحقات تلك المناطق للسنوات السابقة في غياب المسئولين الايزيديين (سبعة اعضاء مجلس النواب وسبعة آخرين في مجلس محافظة نينوى، وواحد في برلمان كردستان)، لصرفها على المشاريع الخدمية والبنية التحتية.
4: المطالبة بمعالجة واقع التعليم الاساسي الذي وصل به الامر إلى حالات ماساوية لايمكن تصورها من حيث زيادة عدد التلاميذ، وما يقابله من نقص في الكادر المتدرب والبنايات التي بدت لا تستوعب هذا العدد المتزايد من التلاميذ، وأن هذه المدارس لم تعد تصلح للتدريس في الوقت الخالي.
5: المطالبة السريعة بحل مشكلة طلبة الجامعة والانتهاء من مهزلة عدم التحاقهم بكلياتهم ودراساتهم الجامعية منذ عام 2007 ولحد الان، والمطالبة الملحة بفتح جامعة أو مجموعة كليات ومعاهد تفي بحاجة المنطقة الفعلية.
6: المطالبة الملحة بتوفير كافة مفردات البطاقة التموينية وتحسين الكهرباء وبقية الخدمات وبناء المستشفيات والوحدات الصحية، حيث يفوق عدد سكان كل مجمع عن 25 الف نسمة وهي تفتقر حتى لممرضة واحدة لحالات الطواريء.
7: المطالبة بانتخاب المجالس المحلية في قضاء سنجار والنواحي التابعة لها وبقية الوحدات الادارية في مناطق الايزيدية، واختيار اشخاص كفوئين ومشهود لهم بالنزاهة والاستقلالية.
8: مطالبة أعضاء البرلمان من الايزيديين، وخاصة السيد أمين فرحان بأن ينزلوا إلى الساحة الميدانية ويستمعوا إلى آلام المجتمع ونقل معاناتهم ومناقشتها مع، وأمام البرلمانيين لتوثيق الحقائق ولكي يتعرفوا على ما يجري على ارض الواقع من تأثير للازدواجية الادارية على مستقبل الاجيال فيها.
علي سيدو رشو/المانيا
1/3/2011

0 التعليقات: