اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو


عندما قيل بأنه لا يمكن تطبيق الديمقراطية في العالم الاسلامي، أنتفضت الغالبية وقالت بأن الاسلام هو ابو الديمقراطية ومؤسسها ومطبقها بالشكل الذي يلغي التفرقة والتمييز على أساس التسامح والعدالة. وراح الكثير من الكتّاب يأتي بالايات والاحاديث لإثبات ذلك وهو صحيح في مفهومه النظري ودعواه ومغزاه. وعندما تناقش أي شخص في هذا الاتجاه، سوف تقف مجبراً أمام الكم الهائل من المواقف التي تؤيد كلامه ويجب ان تحترمها. ولكن عندما تطلب منه أن يشرح لك واقع الحال، يقول بأن الذين يتصرفون بهذا الاسلوب لا يمتون إلى الاسلام بشيء وإنما يمثلون انفسهم وأن الاسلام بريء من كل تصرف لا يصب في تصحيج الاتجاه الخاطيء، وهو عين الحقيقة.
لقد حرنا واحتار معنا الزمن، ف بإلقاء نظرة على (ممثلي الشعب) في مجلس النواب سوف ترى أن 60% منهم مابين ملتحي ومعمم وفي اصبعهم الاخير من اليد اليمنى خاتم فضة تيمنا بالأئمة، و20% من الباقين ملتحين على اساس السنّة النبوية، وفي يد الغالبية منهم السبحة ذات المئة وواحد خرزة، وفي أحلك ظروف وقساوة العيش للشعب العراقي وهو يئن تحت القتل والتشريد والجوع تراهم يتنافسون على زيارة الديار المقدسة للحج وأداء العمرة وقسم منهم للمرة العاشرة، وفي الاخير لا يحسب على الاسلام عندما يمس الموقف هضم حقوق الاخرين. المشهداني قال نصاً: "القانون الذي لا يتماشى مع روح الاسلام أضربه بالقندرة"، فالقانون مصان ومحترم يا سيد، ولا يضرب بالقندرة سواء مشى أو لم يمشِ مع روح الاسلام أو غيره من الاديان، لأنه لا يوجد دين لا يحترم القوانين، وأن الاديان هي المنبع الصافي للقوانين والتشريعات. ولكن المشهداني طبقها بكل معنى الكلمة لأن الاقليات هم جميعا من غير الاسلام (الايزيديون والصابئة والكلدواشوريين). فهل إلغاء حقوق الاخرين هي التي كان يقصدها السيد في قوله؟ لا اتمناها له ذلك.
في ندوة بتاريخ 16/10/2004 في النادي الاجتماعي بمدينة الموصل عندما خولني العميد حسين مرعان بالحضور نيابةً عنه مشكوراً حول مناقشة بنود الدستور وبحضور المرحوم سامي سنجاري ورئيس هيئة علماء المسلمين في الموصل السيد شاكر النعمة(من عائلة النعمة المعروفة)، وكان الحضور لجميع اطياف مجتمع محافظة نينوى. نهض الشيخ الجليل بعد مداخلات جانبية في مسالة حقوق الاقليات الدينية وقال؛ إذا كنا نريد تطبيق العدالة ومباديئ الاسلام، فعلينا أن نثبّت نحن المسلمين حقوق الاقليات والفئات غير المسلمة في بنود الدستور أولاً؛ حفاظاً عليهم كثروة بشرية نعتز بها لانهم تحملوا كافة ما تحملناه من جور وظلم وقسوة وجوع، ومن جانب ثانِ حتى نطبق الشريعة بمعناها الاسلامي الصحيح لأننا نمثل الغالبية وهم الاقلية وبيدنا الامر وسير القرار. وقد صدر الدستور العراقي وفيه بنود واضحة لاحقاق حقوق جميع مكونات الشعب من حق التمثيل والانتخاب والترشيح والتصويت وممارسة الشعائر الدينية والتراثية وغيرها. ولكن ما معنى كل هذا بدون تمثيل سياسي وكيف يمكن المطالبة بالحقوق إذا انتهكت حرمتها، وهنا تكمن أهمية التمثيل وليس للتباهي بعدد الممثلين فقط.
فبأسم (الشعب) صدر القانون رقم 24 والخاص بانتخابات مجالس المحافظات، وبأسم (الشعب) تم تعديله والمصادقة عليه في البرلمان بالاجماع بعد نقضه من مجلس الرئاسة ومن ثم حذف المادة 50 منه والخاصة بتمثيل مقاعد الاقليات مع تعديلات توافقية بشان انتخابات كركوك وأيضاً باسم (الشعب). وبذلك أختزل هذا القانون بتعديلاته وباسم (الشعب) جميع الحقوق المدنية والسياسية والقانونية بما فيها الدستورية التي كانت تتمتع بها الاقليات. وبما أن القانون صدر باسم الشعب ومصادق عليه بالأغلبية في البرلمان ولم ينقضه مجلس الرئاسة، عليه فإن البرلمان قد سحب منهم الشرعية ووجودهم على أرض العراق بعد الان من دون تمثيل يعتبر لاغي وغير قانوني، لان الموجود يجب ان يتمتع كغيره بالحقوق وقد كفلها لهم الدستور. ولكن يبدو ان القانون هو الذي يقود الدستور وليس العكس في حالات تتطلبها مصلحة الاكثرية السياسية من دون النظر للمواقف والاستحقاقات الانسانية.
وهنا أود أن أوجه نداءً إلى الكلدواشوريين بأن يؤجروا عمالاً من الاغلبية الشيعية والكردية وباسم الشعب بهدم آثار النمرود ومكتبة آشور بانيبال وتبديل أسمها بأسم كردي أو عربي، وتحطيم صور نينوى وتمثال الثور المجنح في المجموعة الثقافية وتبديلها بصورة أحد آيات الله أو أحد القادة الأكراد، وتبديل اسم نينوى إلى "ميسل"، واربيل إلى هولير. والايزيديين يطلقون اسم بارزان على بحزاني وتبديل أسم كلي علي بيك إلى كلي فرزندة، وتبديل اسم لالش إلى مدرسة الدوسكي الاسلامية. وتعديل اسم الصابئة المندائيين إلى صابئة حران لكي يسهل طردهم شرعيا من العراق لكون وجودهم يشكل خطراً على الامن القومي الاسلامي في جنوب العراق. وعلى الشبك ان يختاروا لهم اسما كالمجوس لان وجودهم طاريء واتوا مع غزوات اجدادهم الفرس وسكنوا العراق قبل 500 سنة وبدأوا ينافسون العراقيين على شراء الغنم وأثروا واغتنوا من الاتجار بقوت الشعب.
إن سجل التاريخ مفتوح دائماً، ولايجف حبرقلمه، ولا تنفذ عدد اوراقه، ولا تتعطل مطبعته الالية، ولا يترك صغيرة أو كبيرة إلا ويتحسس بها ومن ثم يسجلها باستحقاق ويضعها في خانته، ولا يخطأ في تبويب الامر. فكنا نتأمل من الحكومة الجديدة بعد طول معاناة أن ترى الجميع بعين واحدة وتفي باقل ما وعدت به من الحقوق وتوزيع الثروات وإصلاح ما أفسده النظام السابق ومحاربة الفساد بكل اشكاله، ويطوروا التعليم ويهتموا بصحة المواطن ونظافة البيئة وتنمية دور المرأة والاهتمام بالطفولة ونوادي الشباب ودور الصحافة وتطوير الزراعة وتحديث التصنيع وتحديث وتطوير قابلية الاساتذة من خلال التفاعل الايجابي مع العالم بعقد علاقات ثقافية واستقدام الاساتذة وارسال الطلبة في بعثات علمية وبناء مؤسسة عسكرية عصرية تعتمد التكنولوجيا في الكشف عن الجريمة بدلا من تثقيب الجمجمة بالمثقب الهزاز لكون المعني بالتثقيب هو سني بيد الشيعة أو بالعكس، أو هو عربي بيد الكردي وبالعكس أو لانه قس مسيحي يلبس صليب، أو كونه إيزيدي كافر أو لانه صابئي نجس مع (كامل احترامي لهذا اللفظ) ووووو.
وبذلك كانوا سيُشعرِوا الجميع بأنهم أهل هذا البلد لانهم تحملوا الحصار والحروب سوية ولم يستثنى الارهابي منهم أحدا على الاساس العرقي او القومي أو الاغلبية أو الاقلية. وإذا ما قدرنا عدد ونوعية الضحايا من الاقليات الذين تم استبعادهم من العملية السياسية، لفاقوا كثيرا ضحايا من هم يهضمون حقوقهم الان على اساس النسبة. فهل يستطيع البرلمان العراقي انكار احداث 14/8/2007 في القحطانية والجزيرة في سنجار والتي كانت تعد من أكثر التفجيرات دموية وتخريباَ؟ وهل بامكانهم مسح سجلات ضحايا الاقليات بعد 9/4/2003؟ فالايزيديون مثلا، دفعوا ثمناً باهضاً جراء تأييدهم السياسة الكردية، ولكن ممثلي الاكراد في المجلس النيابي الغوا خصوصية ودور الايزيديين السياسي، وهذا الإجراء معروف النوايا ولكن بالتأكيد فإنه سيفتح جروحاً أخرى كانت قد اشرفت على الاندمال على الاقل في الجوانب السياسية، وهكذا الحال مع بقية أخوتنا في المصير. وكما قلت سابقاً فإن عجلة الحياة مستمرة في السير ولكن لها محطات استراحة تقف عندها لمراجعة ما قد صادفها أثناء السير وتنقية ما أصاب تسجيل الاحداث من شوائب وإنها قطعاً لن تنسى الاصل والاصيل، ولن تبخل في لعن المسيء والطاريء. واقولها ثانيةً بانهم الغوا الشعب باسم الشعب وهذا هو من أخطر ما تعرضت له الاقليات في جميع العهود بما فيه عهد صدام حسين، وما نص المذكرة التي حصلت عليها الاخت الدكتورة كاترين من المؤرخ الجليل سيار الجميل والمؤرخة في سنة 1927، إلا دعم وسند لكلامي هذا.
اليوم تصفحت بعض مواقع الانترنت ومنهم صحيفة بحزاني الالكترونية، وفي عمود واحد كان هنالك خمس مقالات لكتّاب افاضل من غير الاقليات المعنية بالامر. وكانت في طروحاتهم واقعية ودفاع عن هذه الاقليات أكثر بكثير مما عالجته اقلامنا الشخصية وبعمق ودلالات ورصانة ودفاع حقيقي عن هذه المهزلة ومنهم د.قيس السعدي، السيد حسن حاتم المذكور، السيد رشاد السّلا، السيد سهيل أحمد بهجت، والسيد عدنان الرماحي وبالتأكيد هناك من سبقهم إلى ذلك وقد يكونوا أكثر وأدق تعبيراً في وصف هكذا مهزلة. وعليه، فأعتبر هذه الوقفة من جانب المثقفين الاعزاء هو بمثابة وسام وشهادة شرف بماهيتنا وهي أهم من التمثيل نفسه الذي لو تحقق لاسامح الله، لتم تعيين أناس من قبل نفس الاحزاب، ليس لهم شخصية ولا دور تاريخي ولا ثقافي ولا سياسي سوى أن يقول نعم للخطأ والصح، وكذلك للباطل قبل الصحيح. إذن المكسب أكبر من الخسارة ولهذا سأنام الليلة بضمير مرتاح واطمئنان لانه هناك سند قوي سوف يسندنا في قادم الزمن. وليذهب كل من يلعب بمصير الانسان إلى الجحيم غير آسفين عليه ولا على موقفه المشين. ومن الله التوفيق.

علي سيدو رشو
القاهرة في 29/9/2008

0 التعليقات: