اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو

لقد أرتايت بان لا أرد على ما يصدر من نقد لكي لا ندخل في مهاترات ونضيع الوقت على ما هو غير مفيد وغير مجدِ ونشحن الصفحات التي من الأفضل أن تستثمر لما فيه خيرالمجتمع العراقي والإيزيدي منه بشكل خاص، والحقيقة رأينا الرد من قبلكم في بداية الصفحة على السيد نايف كافياً. لذا نقول بأن الوضع الحالي في العراق بالغ التعقيد بحيث أن الحرب على العراق قد تحولت إلى حرب في العراق ومن ثم إلى حرب بعض العراق ضد البعض الآخر، لا بل إلى حرب بعض هذا البعض ضد البعض الآخر وهكذا إلى أن اصبح الصراع داخل النفس الواحدة بدا يشكل خطراً يجب أن يحسب له ألف حساب. ويبدو ان هذا الخطر قد تجاوز حدود العراق وأصاب عدواه البعض من مجتمعنا الايزيدي الكريم في المهجر والذي لا يرى النور ولا يقرأ المستقبل إلاّ من خلال الاعلام الموجه الذي لا يختلف عن سابقه، ولا يعرف ماذا يجري على الأرض من وقائع، أو من ما يطرحه بعض الذين كسبوا الشهرة على حساب الأيزيدياتي، ومن ثم باعوا قماشهم الثمين في الاسواق الرخيصة وبسعر (البالة). فوا أسفاه لمثل هذا الذي يحصل!
إن المتتبع لمثل هكذا انتقادات لاذعة وكتابات غير مبررة بحق الذين يكتبون عن معاناة الأيزيدية. إما إنهم لا يؤمنون بانتمائهم الأيزيدي أو إنهم مأجورون بأوراق خضراء على مثل الأخت الكريمة هيام . ورغم جهل وجهالة الناطقين بها، نرى بأن الأمر لا يخلوا من دس السم في العسل. حيث يظهر بين حين وآخر كلام يبدو لناظره على أنه ينم عن تعصب لجهة معينة أو قد تم استغلال بساطته وجهله السياسي. ولكن بعد فترة يظهر بأن هذا الشخص قد كوفيء من قبل حزب سياسي معين، مما يوحي بأن للموضوع صلات أخرى غير ما تم الافصاح عن ما وراء القصد المعلن. لذلك سوف نأخذ تهديد السيد نايف على محمل الجد، خاصة وإنه يمثل جهة سياسية وتطاول على شخصيات وأحزاب سياسية ومنظمات جماهيرية تعني بقضايا المجتمع المدني والطعن في مصداقياتهم بمسمياتها. وسوف نمرر هذا الموضوع، بل وقد أعلمنا الكثيرمن المنظمات العالمية المعنية بحقوق الأنسان بالأمر لكي تقف على حقيقة ما يعانية المجتمع الأيزيدي اليوم قبل أي وقت آخر نتيجة التدخل الحيوي في تغيير مسار حياته بتسخير وتمويل مأجورين بعد التحول الديمقراطي الذي كنا نتأمله عقب سقوط النظام، وسوف نهتم بمثل هكذا كتابات وتهديدات لانها تعبر عن مواقف قوى سياسية وليست ردود أفعال لأشخاص.
لقد أطلعت على واقع الكيانات السياسية التي سوف تشترك في العملية الأنتخابية في الثلاثين من هذا الشهر، وأن عدد الأحزاب الكردية التي ستساهم في تلك العملية بلغ ستة عشر حزباً سياسياً عدا الشخصيات والأفراد المستقلة، وهم : ( حزب المحافظين الكردستاني، التيار الوطني الكردستاني، حزب ديمقراطيي كردستان، الحركة الديمقراطية لشعب كردستان، الحزب الشيوعي الكردستاني، الحزب الأشنراكي الديمقراطي الكردستاني، حزب الحل الديمقراطي الكردستاني، جماعة المستقلين الأكراد، الجماعة الأسلامية الكردستانية، حزب العمل الديمقراطي الكردستاني، الحزب الديمقراطي الكردستاني، حزب الأتحاد الوطني الكردستاني، حزب العمل الكردستاني، الاتحاد الاسلامي الكردستاني، الاتحاد القومي الكردستاني، حركة فلاحي ومضطهدي كردستان، وحزب كادحي كردستان). أما الأحزاب الكلدوآشورية ( المسيحية)، فهي الأخرى: حزب بيث النهرين الديمقراطي، حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني، الحزب الوطني الاشوري، حركة تجمع السريان المستقل، المجلس القومي الكلداني، والحركة الديمقراطية الآشورية، إضافة إلى الأحزاب والتجمعات التركمانية ظمن أقليم كردستان، ولكنني لم أجد فيه حصة للإيزيديين.
إننا نسأل الأيزيديين أولاً ثم أية جهة وأي صاحب ضمير قد مورس الاضطهاد بحقه في العراق، أليس من حق الإيزيديين أن يكون لهم تمثيل سياسي ضمن هذه التشكيلة في المنطقة التي تدعي بها الأحزاب الكردية على أنها جزء من كردستان؟ وإذا كان الجواب بالايجاب، لماذا هذا الضغط على الحركة الإيزيدية الفتية تحديدأ، والتي تأسست على أخطاء الأحزاب الكردية الرئيسية في مناطق سكنى الأيزيدية ومحاربتها؟ ثم لماذا لم تشترك شخصية إيزيدية ولو من الأحزاب الكردية في مؤتمر أربيل يوم السادس والعشرين من الشهرالماضي عند وضع آلية قائمة أقليم كردستان لانتخابات المجلس الوطني؟. وهل من الخطأ أن يصبح هناك تعاون سياسي فيما بين الحركة الأيزيدية والأحزاب الكردية؟ أو على الأقل تمثيل سياسي إيزيدي؟ ثم هل من الجائز هذه الحرب على كل ما يعبر عن نهضة وصحوة تطالب بالخصوصية الأيزيدية؟ أليس يعتبر الدين من العوامل المهمة والرئيسية في تمييز وخصوصية الشعوب حتى ولو كانوا من نفس القومية؟ ثم لماذا هذا التركيز على تغطية الديانة الأيزيدية وتغليفها بالقومية الكردية؟ فليكن بعلم جميع المجتمع الأيزيدي، أنه سوف لن يكون له صوت على مدى الدهر ما لم يكن له تنظيم سياسي. وقد قيل الكثير أيضاً بحق منظات المجتمع المدني الإيزيدية على إنها فقاعات سرعان ما تطوف وتنتهي. ويبدوا أن قصيري النظر قد بنوا أفكارهم على مستوى التعامل مع بعض ضعاف النفوس من الذين يسيل لعابهم على المادة، ثم نرى بأن الأحزاب الكردية تستكثر على ثلاثة أرباع مليون إنسان إيزيدي مضطهد على مر التاريخ (و جزء أساسي من هذا الأضطهاد الديني جرى عليه بفتاوى وحشد عسكري من رجال دين أكراد)، أي نشاط فكري أو سياسة مستقلة عنها تهتم بالخصوصية الأيزيدية. واليوم يتباكون على حقنا وكأننا مجموعة أيتام وليس فينا من يستطيع أن يطالب بحقه إلاً من خلالهم. إننا نضع بعض هذه الأمور أمام السادة الإيزيديين الذين عاشوا فترة طويلة في بلدان المهجر ونقول لهم، أليس كان من الأشرف بكم تشكيل تنظيم سياسي يطالب بحق المجتمع الأيزيدي حاله حال جميع الحركات السياسية التي بدأت تطالب بحق مواطنيها بعد سقوط النظام وكنتم على دراية بتغيير الواقع الحتمي لسياسة العراق؟ ثم تضيفون إلى قوة الأحزاب الكردية قوة إضافية اخرى بدلاً من الاستجداء. وبدلاً من ذلك تكيلون التهم إلى الحركة الفتية الأيزيدية ومنظمات المجتمع المدني التي حملت هموم هذا الشعب الذي أبتلى بمثل هذه الأفكار الضيقة التي تطالبون بها للغير على حساب مجتمعكم، في الوقت الذي كان من الواجب أن تتبنوا أنتم دعم هذه المنظمات بشكل خاص لأنكم تعلمون أهميتها في ظل التحول الديمقراطي للمجتمعات، خاصة وأنتم تعيشون في بلدان قطعت أشواطاً في هذا المظمار. فيا لبئس التفكير والقصور في الرؤية لمستقبل ما سيحل عليكم ولكن بعد فوات وحيث لا ينفع الندم. فنحن نرى الأمور هكذا وستكون مطاليبنا بحجم معاناتنا ولا ننظر إلى فتح مقر للحزب في قرية نائية تبلغ الأمية فيها 95% على أنه إنجاز ديمقراطي، ولا ننظر إلى الخيم والكراسي ومقرات الأحزاب في القرى الأيزيدية إلاّ تعبيراً عن الاستخفاف بمستوى الأيزيدية والتركيز على نفس الذوات التي كانت تعمل لحساب مخابرات النظام البائد على حساب مستقبل الفقراء وتقوية دورهم ونفوذهم في الوقت الحاضرأيضاً ليكونوا عملاء لهم كما كانوا في السابق، أو التركيز على تدريس اللغة الكردية في وسط عربي حيث لا يختلف الوضع معه عن الأمية. بل نحترم جهود الأحزاب عندما تضع برنامجاً واضحاً لتغيير البنية التحتية لبناء الأنسان وتنمية افكاره بحيث يستوعب التقدم والتكنولوجيا في هذا العصر وفتح مراكز التأهيل والتدريب والتطوير والأهتمام بالمرأة والتركيز على الخدمات الاساسية كالتعليم والصحة والمواصلات والمشاريع الزراعية والبطالة، وليس من يدخلنا في متاهات الكسب الحزبي والمنافسات الحزبية الضيقة التي ولّى زمنها بعد فشل مريع لتجربة حزب البعث في العراق طيلة عقود من تاريخ العراق الأسود،
لقد تم تشكيل قوائم الترشيح للمجلسين الوطني والكردستاني، وجاءت نسبة تمثيل الأيزيدية بمثل ما كان متوقعاً. ونسأل الأيزيديين من الذين يتباكون على حقوق الأكراد، كم من مأساة ، كمأساة كحلبجة جرت على الواقع الأيزيدي وكم من تلك الكوارث والمآسي كانت من الزعامات الكردية بفتاوى من رجال الدين الأكراد ، ولعل كلي علي بيك خير شاهد على كلامي هذا. ثم هل من العيب أن تذكر الأكراد في جميع المحافل الدولية مأساة حلبجة على شعبها؟ وإذا كان هذا مشروعاً فلماذا نخجل من أن نذكر نحن ما جرى علينا لكي تكون لنا الشرعية في المطالبة بحقنا. ثم هل تم ذكر الأيزيديين المدفونين في المقابر الجماعية، أو الفقودين تحت أسم الأيزيدية أم ورد أسماءهم كاكراد؟ إذن ما هي الخصوصية؟وماذا تعني الخصوصية؟ ومن من هؤلاء المرشحين يمثل 1% من طموحات المجتمع الأيزيدي؟ ومن منهم يستطيع أن ينطق بكلمة إيزيدي إذا لم يسبقها بكلمة الكرد؟ وماذا قدموا للقضية الأيزيدية كمجتمع له خصوصيته الدينية في تاريخ حياتهم؟ ولكن سوف يطرح الكثيرين دور السيد خدر سليمان وعزالدين سليم وغيرهم في الكتابة والتأليف ولهم الحق في ذلك، وإننا بدورنا نسأل، أين هم الآن من ذلك؟ وهذا واضح وضوح الشمس بأن الأحزاب الكردية تعتم بكل طاقاتها على الواقع الأيزيدي بحيث لا يحصل فيه نهضة مهما كانت قوتها. ولكي ندعم كلامنا هذا بالحقائق نشير إلى ما حصل مع مكتب شؤون الأيزيدية في السليمانية يوم السادس والعشرين من شهر نوفمبر الماضي. لقد دعينا من خلال السيد سمير بابا شيخ إلى تسجيل بعض الطلبات التي تخدم عمل المنظمات الأيزيدية غير الحكومية. وقمنا بتقديم طلب يتضمن الآتي:1- جهاز استنساخ لخدمات الطلبة الفقراء في الجامعة لما يكلفهم من تصوير المحاضرات وكذلك خدمات الرابطة 2- جهاز حاسوب عدد/2 لاقامة الدورات، 3- كاميرا فيديو لتسجيل نشاطات الرابطة و4- مبلغ أربعة ملايين دينار لتغطية إيجار المكتب. وعندما وصل الطلب إلى مكتب شؤون الأيزيدية المتشكل حديثاً، ونعلم بأن معظم أعضائه من الأصدقاء الذين تعاملنا معهم سوية في تأسيس رابطة المثقفين الأيزيديين في الموصل عام 2003، استبشرنا خيراً. وبعد فترة أسبوع دعينا إلى ضيافة كريمة في السليمانية، وعقدنا لقاء في اليوم التالي بحضور السادة جميل خضر عبدال وعادل ناصر. فاستمر النقاش بيننا لفترة ثلاث ساعات وكأننا في صراع سياسي، ثم طلبت بعد طول حديث، ما هو المطلوب منا بناءً على هذه الدعوة؟ فكان ( الجواب الرسمي) هو أن الكردياتي هو الخط الأحمر بالنسبة لأي تعامل من جانبنا. ولكننا ردينا مباشرة بأن الأيزيدياتي هو الخط الأحمر بالنسبة لنا. وقلنا إذا كانت الأيزيدياتي تتقاطع مع الكردياتي، فإننا جملةً وتفصيلاً مع القضية الأيزيدية وسوف لن يتقدم عليها شأن. ومع ذلك رجعنا إلى الموصل وعقدنا إجتماعاً في الرابطة لدراسة الفكرة لكي يكون الرأي جماعي، فكانت القناعة بأننا نرفض أي عمل يخدش استقلاليتنا. ثم أرسلنا لهم رسالة بهذا الشأن، ولكن للأسف لم يتم الرد عليها وسوف لن يتم الرد، حيث قالوا بأن موقفكم من الكردياتي غير واضح. إذاً بماذا يختلف هذا المكتب عن اللجنة الأستشارية إنهما مكاتب حزبية تخدم مصلحة أحزابها على الرغم من إنهم قالوا بأننا لا نطلب أي توجه سياسي ولكن لم ينفذوا أي مطلب غير سياسي أيضاً. وكان السيد حسين مرعان قبل أن يصبح رئيس هذا المكتب قد دعم الرابطة في بداية تأسيسها وجمع من أهالي محلة دنكي من الشيخان في المانيا مبلغ 200 يورو أيضاً مشكورين، ولكن حديثنا هو عن ما بعد تشكيل المكاتب والمجالس الأستشارية لدى كلا الحزبين. أي أن هذه المكاتب لا تستطيع تقديم أي دعم إلاّ على حساب المستقبل الأيزيدي لصالح الأحزاب الكردية، ( تصوروا المطلب والمطلوب!). ومن ناحية تعيين الدكتور ممو وزيراً في الوزارة الجديدة، كان هو الآخر بجهود الحركة الأيزيدية من أجل الاصلاح والتقدم. وعندما علمت الاحزاب الكردية بحتمية التعيين بضغط أمريكي وبعض أعضاء مجلس الحكم، سارعوا وبشكل خاص الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحديداً في فجر اليوم الذي تم تعيين الوزراء فيه. واتصلت القيادة الكردية بالأمير تحسين بك والمجلس الاستشاري لتسمية وزير إيزيدي، وقد تم اقتراح الدكتور ممو من اللجنة الاستشارية، ولم يكن تحسين بك موافقاً عليه، ولكنه تنازل نتيجة لضغط اللجنة. وأن ما يؤيد كلامي هذا هو قول الدكتور فؤاد معصوم عندما قال لي شخصياً وبحضور عيدو بابا شيخ، بأنه تركنا مجلس الوزراء ليلاً ولم يكن أسم وزير إيزيدي ضمن التشكيلة الوزارية. ولكن عندما أصبحنا وتم طرح التشكيلات برز أسم الدكتور ممو من بين الوزراء كوزير إيزيدي. فإننا نشكر كل جهد ساهم في هذا الانجاز، ولكن التعمية على كل ما هو ناهض بأسم الايزيدية واعتباره فقاعة، فهذا ما يؤسف له وما نريد من مجتمعنا أن يتعلم منه الدرس.
ولكي نتفهم الأمور بدقة ونفهِمها، يجب علينا دراسة الواقع الجيوسياسي للإيزيديين على ضوء الوضع الراهن وما يكتنفه من غموض وتستر وتعمية على مستقبله. فمن الواضح أن مناطق سكنى الأيزيدية في كل من الشيخان وتلكيف والقوش وبعشيقة هي مناطق تقع ضمن خط الأمان لحدود كردستان، وأن المراكز الدينية الأيزيدية تقع هي الأخرى في نفس المنطقة وهي عامل حيوي وكبير. ولكن ولكي لا يفهم بأننا لسنا راغبين بالانضمام إلى كردستان ونتيجة لما حصلت من مأساة تاريخية لهذه المراكز الدينية سواء من الدولة العثمانية أو العرب أو الأكراد، يفضل أن تكون هناك حماية وضمانة من الامم المتحدة بعدم التجاوز عليها مستقبلاً مع حرية التعبير عن الشعائر واداء الطقوس. لذلك نرى بأن الانضمام إلى التكوينة الكردستانية بدون ضمانات وتحقيق نسب التمثيل على أساس النسبة السكانية وحرية التعددية السياسية وقبول الرأي الآخر والخصوصية الدينية الأيزيدية، هو الذوبان الذي سوف لن تكون له قائمة. وسوف تكون المناطق المذكورة واقعة بين كفتي الرحى التي ستطالها المأساة أول الأمر ومن الطرفين، خاصة إذا ما عرفنا بأنه الآن بدأت بوادر الحرب الأهلية فيما بين العرب والأكراد كمجتمعات وليس كالسابق عندما كانت الحرب فيما بين القيادات السياسية. أي أننا نرى ما يجري من أحداث حالياً ونتعايشها ساعة بساعة ونتلمس مقدار البغض الذي استشرى فيما بين العرب والاكراد كشعوب وليس كسياسات نذير بمثل هكذا فعل. وبذلك سوف يضاف عامل البغض القومي الكردي إلى البغض الديني الأيزيدي وسوف يقع علينا الضرر من كلا الطرفين، أي أن في هذه الحالة (الضمانات)، هي التي يجب أن تكون الأساس في التعامل وليست العاطفة القومية والمصالح الشخصية.
ومن قرائتنا للواقع السياسي الحالي نرى، بأنه القيادات الكردية ممثلة بالحزبين الرئيسيين، الإتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني قد توصلا بشكل جدي إلى قرار إقامة الدولة الكردية كمطلب رئيسي على الرغم من أن المطالبة تجري حالياً على أساس الفيدرالية للعراق. وهذا يعتبر في قناعتنا حق شرعي وطبيعي لشعب بهذا العدد وقدم تضحيات بهذا الحجم على مر التاريخ وإننا على قناعة تامة بأن الأكراد سوف يحصلون على إقامة دولتهم في المستقبل. أي أن المشكلة الكردية سوف تنحل ولو على مستوى العراق فقط لتكون القاعدة للإنطلاق إلى دول الجوار للمطالبة بالدولة الكردية الأوسع والأشمل. ولكن واقع مجتمعات الشرق الأوسط السياسية يشير إلى أنه ستحصل خلافات فيما بين الحزبين الرئيسيين على الزعامة وتقسيم الثروات والتقسيم السياسي، بسبب الاختلاف الآيديولوجي ومصالح الدول الكبرى في المنطقة. لذا ما هو موقع الأيزيدية من هذا التقسيم إذا ما عرفنا بأن جزء منهم سيتبع الحزب الديمقراطي وجزء آخر سيتبع حزب الاتحاد والبقية سوف يبقون بدون أرضية سياسية وسيكون مصيرهم مجهولاً لا يحسدون، وهذا يتطلب عمل سياسي حتمي للإيزيدية وإلاّ سيعيشون على الشحذ والتبعية المهينة والتشرذم.
أما الجانب الآخر من الموضوع والذي يخص واقع الأيزيدية في مثل هكذا ظرف، نرى بأنه عند تحقيق الحلم الكردي في إقامة دولته سوف تتغير الآليات والاجراءات على أرض الواقع. وأن عامل اللغة سيسهل الاختلاط ونية العنصر المسلم الكردي تجاه العنصر الأيزيدي معروفة وخاصة من ناحية الاختلاط الجنسي. فإن المسلم الكردي سوف لا يتوانى بأية طريقة للمطالبة بالصهر العرقي على أساس إننا كلنا أكراد مثلما يحصل الآن في سوريا وتركيا وأرمينيا والخاسر الوحيد هو الأيزيدي. لذا عندما نطالب بالخصوصية الإيزيدية نقصد هكذا مطاليب حيث الأرث والنكاح والميراث والنفقات والتراث الديني والاجتماعي وقانون الاحوال الشخصية هو الذي يحمي كرامة ومستقبل الشعوب وخصوصيتها، وإلاّ لا يهمني ما تكون قوميتي مطلقاً وإنما المهم هو الخصوصية الأيزيدية وأن الأدلة التاريخية لم تأتِ بشكل اعتباطي كما وأن وضع مصيرنا بيد من يحسبنا على الكفار لابد وأن يكشف عن نياته في يوم ما وقد لا تستطيع آنذاك أن تطالب بما تستطيع المطالبة به الآن. لانه هنالك فرق كبير بين الخصوصية الدينية والخصوصية القومية فيما إذا كان هناك اختلاف ديني فيما بين عنصرين ينتميان لنفس الفكر القومي كما نحن عليه الآن. فالتعاون السياسي مطلوب، ولكن ليس على حساب الدين.
وبعد هذه النظرة إلى الواقع، ليس لنا أي حق على القيادات الكردية قبل أن نلق باللوم على قيادلتنا الهزيلة ممثلة بسمو الأمير تحسين بك ونائبه الأمير فاروق بك وسماحة بابا شيخ وكبير القوالين وعدد من رؤوساء العشائر ممن لا يرون الدنيا إلاّ من خلال المصلحة الضيقة التي أحجبت عنهم مصير مئات الآلاف. وسوف يتحملون مأساة ما يترتب علىهذا الخطأ التاريخي، وقد أعلنا مرات عديدة بأن المطلوب هو بناء الشخصية الأيزيدية على أساس خصوصيتها ومن ثم التعامل مع الأحزاب الكردية هو من أقرب الواجبات إلينا. ولكنه دوماً يفسرها ( الأخوان من الكرد الأيزيديين) بأنني ضد القومية الكردية، وحاشى لله أن يكون لي مثل هذا الشأن، وأن العمل الحزبي في أي مكان هو حق مشروع للأحزاب السياسية. كما و إنني على ثقة بأن عشرات الانتقادات ستنهال عليّ ولكن سوف لن أرد سوى على تصحيح ما يرد من خطأ في الفهم. والعجب من الأمر عندما يطالب الأخوة الكتّاب مثل زهير كاظم أو كمال السيد قادر عن الخصوصية الإيزيدية لم يرد عليهم أحد من اخواننا الكرد الأيزيديين، ولكن الردود تقتصر وتنهال على كل إيزيدي يكتب عن معاناته ويطالب بخصوصية الأيزيديين.
أما واقع الأمر في سنجار فهو الآخر بحاجة إلى تحليل، حيث إنه مجتمع عشائري أمي متخلف سياسياً وثقافياً، ومتدهور اقتصادياً ومعيشياً ومقسم إلى واقع طبقي تحكمه مصالح الشيوخ والوجهاء، وقد أخذت العادات والتقاليد البدائية منه حصة الأسد رغم النهضة الواعية فيه في الوقت الحاضر. يضاف إلى ذلك ما اقترفت بحقه سلطة النظام السابق وذلك من خلال التهجير والترحيل في مجمعات قسرية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة المدنية ومن ثم سلب إرادته الانسانية وتجميع أعداء الأمس في نفس الحارة من نفس القرية بشكل متعمد لكي يزداد العنف ولا يستقر المجتمع. وكذلك الواقع والاختلاف السكاني لعموم مجتمع سنجار من الأيزيديين والعرب المسلمين بمختلف الأطياف والمسلمين الأكراد والتركمان وبعد المنطقة جغرافياً عن كردستان ووجود الحاجز الطبيعي (نهر دجلة)، وتبعية سنجار إلى محافظة نينوى منذ الآف السنين والارتباط النفسي بهذه المحافظة، واتهام العرب والتركمان للإيزيديين بأنهم السبب في دخول القوات الكردية إلى سنجار، كل هذه عوامل يجب أن يحسب لها ألف حساب قبل أي تصرّف عملي من قبل المجتمع الأيزيدي في سنجار وتحديد عائديته السياسية، وإلاّ سيكون للإيزيديين شأن آخر في المستقبل مع جيرانهم الذين عاشوا سوية منذ الآف السنين.
إذن وعلى أساس هذه الرؤية نرى، بأنه من أولى الواجبات التي تقع على عاتقنا هو القيام بعمل سياسي منسق يبدأ من الحركة الأيزيدية من أجل الاصلاح والتقدم كونها الحركة السياسية الوحيدة التي تبنت القضية الأيزيدية منذ أول الأمر ولحد الآن مهما كانت قناعاتنا بها. وأن تبادر الحركة بالدعوة إلى عقد مؤتمر يدعو إليها معظم الأيزيدية في مختلف المناطق من الامارة ورجال الدين والمثقفين والعشائر والنساء والطلبة والشباب وعلى مدى يوم واحد يتم فيه مناقشة الأمر ومن ثم تصاغ لجنة لأصدار بيان وتغيير أسم الحركة إلى حزب الشعب الأيزيدي . ولكي لا يساء الفهم من قبل الأحزاب الكردية، فإن هذا العمل ليس إلاّ جانب تنظيمي يصب في مصلحة الأيزيديين والأكراد في آن معاً. لانه لا يعقل أن يمنع تنظيم معين من العمل السياسي في عصر الديمقراطية والتعددية والمصالحة الوطنية، وإلاّ فسيظهر نظام الحزب الواحد من جديد ويدور البلد في نفس الفلك السابق، ولكن بأبراج مختلفة.


علي سيدو رشو / رئيس رابطة المثقفين الأيزيديين في العراق
rashoali@yahoo.com
الموصل في 23/كانون الثاني/2005


0 التعليقات: