اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو


تهنئة من القلب لكل الانسانية بمناسبة عيد سرصالي بالخير والنماء ونهاية للعنف والقتل وأن يعم الأمن والسلام. وللشهداء الرحمة وجنات النعيم وللثكالى الصبر والسلوان. اللهم آمين.

لا يخفى على أحد ما تم نسجه من خرافات حول واقع المجتمع الإيزيدي؛ دينيا واجتماعيا، أخلاقياً وسياسياً خلال تاريخه الحافل بالمآسي والانتهاكات. فعدَ قسم بأن لهم ذيول، وقال آخرون ما لايمكن تصوره، وهناك من قال بأن النساء الإيزيديات لا يلدن قبل 12 شهراً. ونعتت فرق أخرى بانهم وحوش كواسر لا يؤتمنون وما بالك مما يحصل الآن من قبل البعض وتأكيدهم على تلك الصفات الرذيلة مع علمهم بأن الحقيقة ليست كذلك. لذلك نسال؛ لماذا حصل كل هذا التشوه في النظرة إلينا من دون خلق الله؟ ولماذا أستمر حتى أصبح لاينفك أمره عن الإيزيدي ويلاحقه اينما حل في هذا الكون؟ وكيف نستطيع أن نواجه هذا التحدي في المستقبل؟ ومن ثم كيف نستطيع تبديد هذا الفهم الخاطيء وتغيير تلك النظرة؟
فالرد على هذه الاسئلة ليست من السهولة، وكذلك التخلص من كل هذا الكم من الامور التي اصبحت مع الزمن جزءً لا يتجزأ من لعنة العقدة التي كادت ترافقنا على مدار هذه الفترة كالخيال ليس بالامر الهين، او على الأقل التقليل من تاثيرها. فالتخلص او التقليل منها لا يأتي بالتمنيات الوردية والقناعات السطحية لانها طالت لفترة زمنية وأصبحت من الثوابت لدى الكثير من الاقوام والشعوب والمجتمعات. وبذلك فهي تحتاج منا جهوداً كبيرة ووقتاً طويلاً لتبديدها وإحداث قناعات جديدة في الفكر الآخر. وليست مشكلتنا الاساسية الآن، على الأقل من وجهة نظري، هي الميراث وكتابة النصوص الدينية فقط رغم أهميتهما البالغة والتي لا يمكن تجاهلهما أو الاستغناء عنهما مع غيرها من الأمور الملحة في الشأن الإيزيدي. وإنما كيف نواجه العالم بماهيتنا وكيف نخلق حلفاء حقيقيين للدفاع عن واقعنا، لأننا قطعاً لا نتمكن من تحقيها وحدنا مالم نخلق من ظهير يسندنا. فلا باس أن يكون للجانب الثقافي الذي يندرج تحته الفن والفلكلور والتراث وحملات الابادة والتشهير والانتهاكات التي لاحقتنا طوال فترة تاريخنا المليء بالاحداث الدامية والتي كانت السبب وراء ما لحق بنا، ليصبح له دوراً اساسياً في هذا التعريف. وهنا تحضرني حادثة كان يرويها لنا والدي الذي يعيش الان في دار الحق:
كان هناك شخص معروف في سنجار قبل دهرٍ من الآن، وشاءت الاقدار ان تحصل له مشاكل اجتماعية في منطقته، ولكي يتفادى المزيد مما يجب تجنبه، سافر من العراق إلى سوريا. مكث فيها فترة طويلة وخلال تلك الفترة، اشيعت عنه الاخبار بأن الشخص الفلاني قد أصابه الجنون في سوريا وإنه لم يعد كما كان في السابق. فلما سمع الرجل بما يتحدثون به الناس في العراق، رجع إلى العراق وقال لهم إني فلان الفلاني ولم يحصل لي مما تقولون من شي فاتقوا الله في امري. ولكن كان الخبر قد اشيع بين مجتمع ضيق في سنجار في فترة الاربعينات من القرن الماضي، وكان من الصعب عليه أن يقنع المجتمع كله بما ليس فيه لأن سلوك المجتمع آنذاك لم يكن يتحمل تفسيرين للحالة، فهو إما صحيح أو غير صحيح. وكانت شدة الاشاعة تعتمد على قوة الوشاية في إحداث القناعات في المقابل بحيث يحكم المجتمع عليه بقرار القناعة من عدمها. فما كان منه إلا وقام بشراء حصان وطاف به في جميع قرى سنجار وأقام فيها والقى كلمة في كل قرية لكي يعزز فيهم ما هو عليه من العقل وإنه لم يفقد ملكاته وانه على كامل وعيه.
لقد سقت هذا المثال لكي نتعرف على حجم المعاناة التي عانى منها هذا الرجل لكي يبعد عن نفسه ما أشيع عنه، وكيف شاع خبر جنونه وصدقتها الناس بتلك السرعة، ولكنه كم دفع من الثمن حتى رسخ قناعة لدى الاخرين بأنه لم يفقد عقله. فطافت الاخبار بسرعة إلى كل بيت وكل نفس، ولكنه ذهب هو بنفسه إلى كل قرية لكي يوصل الرسالة إلى كل نفس بما حصل له من وشاية.
فإننا بحاجة إلى حملة منظمة وهادفة وعلى أكثر من صعيد لكي نثبت للعالم الذي يحيط بنا بأن الذي اشيع عنا ليس كله صحيحا أو على الأقل إحداث قناعة لدى البعض المهم (الغرب المتمدن)، الذي لم تكن قد ترسخت تلك القناعات البالية في فهمه بعد. ولكن كيف يمكننا فعل ذلك عملياً؟
هنالك، في رأيي، أكثر من مجال يمكننا المناورة فيه لكي نخطو الخطوة الاولى، وهي لا بأس من أن تبدأ بالدعوة إلى تشكيل لجنة من اصحاب الشأن والرأي السديد لإعداد دراسة ذات منهجية مختصرة ورصينة وتلائم العصر وبلغة يفهمها الغرب بشكل اساسي. ولكي أكون أكثر وضوحاً، يجب علينا اقتحام الغرب لكي يفهموا معاناتنا ويساعدون برامجنا ماديا وإعلامياً ولوجستياً، أي يجب أن نخلق لنا ظهيراً. وعلى الرغم من أن هذه الدعوة قد جاءت متاخرة في طرحها، واعلم كذلك سوف لن تلقي آذانا صاغية لمناقشتها كما حصل من قبل. ولكن لابأس من استغلال الظرف وقول الرأي لعله تقع الكلمات في بعض الاذان للمستقبل. وكما قلت في مقال سابق وحسب المثل الامريكي (Never Say Late to Start). فالمهم أن نبدأ بالعمل لأن أي بنيان مالم تتم إضافة مواد البناء إليه، فسيبقى في حدوده. لا بل قد يتهدم ما تم بناؤه عندما لا يحظى بالصيانة الضرورية. لهذا؛ لا بأس من شرح بعض العوامل التي اراها ضرورية هنا والتي أدت إلى انتشار تلك الافكار عنا وبالتالي اصبحت مع الزمن من الصفات التي تلازمنا رغما عنا وترسخت تلك النظرة فينا بنظر المقابل، ومن تلك الاسباب.
تحريم التعليم في بداية الامر: نسمع في كل يوم ومن مختلف الطبقات والشرائح وبالاخص، مع الأسف، من الطبقة المتعلمة بأن رجال الدين هم الذين منعونا وحرمونا من التعليم. نعم هذا صحيح، وكان يجب أن يكون كذلك لعدة اعتبارات منها وبالدرجة الاساس نظام التعليم ومنهجه آنذاك. فالتعليم في تلك الفترة لم يكن تعليماً نظاميا إلا في مراكز المدن وحتى في تلك المراكز لم يكن بمقدور العامة ولو من غير الإيزيديين ارسال اولادهم للمدارس لكونها كانت تكلفهم، ومستوى المعيشة كان متدنياً. فالتعليم كان في المدارس الدينية فقط، أي كان مقتصراً على قراءة وحفظ القرآن والسنّة وعلى أيدي الملالي. فماذا كان من رجال الدين غير أن يقولوا بأن التعليم (حرام) مع تحفظي الشديد على استعمال هذا اللفظ للكلمة، غير هذه الطريقة لكي يفهموا الناس بها؟ ولقد التقيت بالعشرات، بل الالاف من المتعلمين الآن وفي القرن الواحد والعشرين ولم يرسلوا أولادهم للمدرسة. وعندما سألتهم عن السبب يقولون وبكل بساطة "أنتم الشيوخ ورجال الدين خربتم بيتنا"، وكنت أرد عليهم بحسرة وأقول؛ الم تروني وقد تخرجت من المدرسة وأنا من الشيوخ؟ ومن من غير الشيوخ انهى التعليم في الواقع الإيزيدي؟ فلماذا تتمسكون بشيء ليس لصالحكم؟ ألم يمضي على ذلك عشرات السنين؟ فإلى متى تعلقون تخلفكم على شماعة رجال الدين؟ إذن الموضوع وبكل بساطة هو التهرب من الحقيقة وحب البقاء في دائرة التخلف وتحميل الاخرين وزر ما وقعوا فيه كما هو اليوم، من دون أن يحمّلوا أنفسهم وزرها وليبقوا بدون رأي ايجابي لحياتهم ومستقبل اطفالهم.
الوضع العام الذي رافق حملات الابادة والتي استمرت بدون توقف حتى أصبح الايزيدي يخشى العمل او النزول لأي بلد لكي يتعرف على واقع الحياة ولا نريد الاطالة في هذه الفقرة لانها تحتاج بحد ذاتها لبحوث نفسية وسياسيو وانثربولوجية وغيرها من حقول المعرف الانسانية.
سياسة الدولة وبرامجها التي عملت على عدم استقرار الإيزيديين في اي مكان لكي يعملوا لأنفسهم ما يجب من نقاط ارتكاز وخاصة من حيث التعليم. ولكون العملية التعليمية لا يظهر أثرها إلا بعد فترة طويلة أي بعد مرحلة دراسية متكاملة، لذلك كانت نتائجها غير محسوسة للغالبية من الاباء الاميين وعدم معرفتهم بأهمية التعليم.
الهروب من الواقع وتكوين قناعات وهمية لا ترتقي إلى اي مستوى من الطموح للنهوض بالواقع بما يحقق ما يجب تحقيقه ومن ثم الرضا بابسط المقومات المادية في حدود الكفاف، وليست الطموحات التي تجعله يقفز إلى ما هو أفضل. وقد ترتب على هذا ضياع الكثير من الفرص بسبب العجز في التفكير وإيجاد الوسيلة المناسبة للمرحلة. إضافةً إلى ضعف الامكانيات الاقتصادية بسبب الوضع العشائري والاقتتال الداخلي فيما بين العشائر مما انعكس سلباً على واقع التعليم والاقتصاد. وبالتالي الوضع الثقافي وكذلك عدم التمكن من مواصلة المصير الذي كان يجب ان يكون في غير هذا الوضع. فلسنا الوحيدون الذين يعانون من مسألة التخلف ولكن تأثيره علينا اوضح بحكم معيشتنا في واقع يفرض علينا مواجهة التحديات على أكثر من صعيد. فالثقافة إذن، في رأيي المتواضع، هي العامل الاساس الذي يبعد ويقرب المجتمعات من بعضها أو يبعدها عن بعضها من خلال ما تفرزه من أساليب الحياة التي ترتبط بالقيم والاتجاهات والعادات والعلاقات الاجتماعية وبما ينتجه هذا الاسلوب من أدب وفن وتراث وتقدم تكنولوجي.
إذن، العامل الاساسي والمسئول عن كل هذا هو غياب برامج وسياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يكون فيها الانسان وثقافته هما العنصران الأساسيان. وإذا ما حصل تغيير في ثقافة الانسان، فمن الواجب العبور به إلى الامام من خلال البرامج والإرشاد والتوعية بحيث لا يقف الامر عند نقطة بذاتها. بمعنى إكسابه الخبرات والمهارات التي تزيد من ثقافته لاستيعاب التطور وغرز ثقافة التجاوز لتحقيق الكفاءة الانسانية والاحساس بالمسئولية وتحقيق المزيد. فلدينا الكثير من الكفاءات والمهارات التي يمكن الاعتماد عليها، بمعنى علينا غرس ثقافة التطور الايجابي في الفرد بالاعتماد على المعطيات وليس الاتكالية واللامبالاة والتوكل والجشع والكسل. فمتى ما كانت هذه هي الصفات التي تعتمد عليها شريحة معينة أو دولة بذاتها، فحتماً سيكون مصيرها التدهور والتلاشي وهنالك الكثير من التجارب الماثلة أمامنا للاستفادة منها. مثلا؛ كيف نهضت الامة الالمانية بعد التدمير لمرتين في حربين عالميتين؟ وكيف نجح اليهود في مساعيهم؟ لا أعني هنا الاتجاه بنفس السلوك، ولكن كيف صنعوا لهم الحياة. أي كيف لها ان تضع في اولوياتها نقاط القوة وتتجاوز نقاط الضعف لكي تعبر تلك التحديات التي تعتري طريقها. فما قيمة تعليم الكبار ومحو الامية من غير برامج تشجعهم على الاستمرار في التعليم وتطويره، وما فائدة بناء عشرات المدارس من غير كادر كفوء ومختبرات ووسائل التطوير التعليمي. أي ان تعليم الانسان فنيا، وحده غير ذي نفع مالم يقترن بالخطوات اللاحقة والتي تشجع وتنمي من امكانياته. ففي مجمع سيباية الشيخ خضر والبالغ تعداد سكانه اكثر من عشرين الف نسمة، لا يتجاوز عدد خريجي الكليات عن اصابع اليدين. كيف يمكن ان يتطور هذا المجمع وهو بهذه الحالة؟
تقييم المرحلة السابقة وما هو دورنا فيها، فهل نستطيع تقييمها ولم يكن لأي منا ولو مقال فيها من غير ان نعتمد على ما تناقلته الاجيال عبر تضحيات الاجداد على مر التاريخ. فكانت تعد مرحلة استعمارية بكل ما فيها من معنى بطمس الحقيقة وكتابة التاريخ بسلبياته واسقامه وبما يشتهي الطرف المعرقل (العدو)، من إلصاق التهم والتشويه وتغيير المعالم الاجتماعية والقومية والدينية بالتركيز على ما يعزز التخلف. وتكريس الامية والجهل والفقر بحيث تجتمع جميعها في نفس الوقت وفي مجتمع واحد وبالتالي في شخص واحد، فإذن ليس له سوى الاختفاء والهروب من الحضارة تحت سلطة الارهاب الفكري وإلغاء الآخر، أي يجب إفهام الاصدقاء بهذه الاسباب.
مرحلة بداية النهضة: وهي المرحلة التي بدأت ببعض المؤلفات من قبل الباحثين د.خليل جندي وخدر سليمان وما حصل فيما بعد بتأسيس مركز لالش في دهوك بالدرجة الاساس الذي نعتز بتشكيله والنخبة التي اشرفت عليه في بداية التأسيس وليس فيما بعد (مرحلة التحرير)، مع الاسف. ومن ثم هجرة بعض الكفاءات الإيزيدية إلى أوربا والاطلاع على الحضارة الغربية بعد أن توفرت أمامهم فرص الكتابة وتأسيس المراكز الثقافية والبيوت الإيزيدية التي كانت ذات شأن كبير في لم الشمل والحفاظ على العادات والتقاليد ومن ثم التحرك باتجاه العالم الحر وأوصلوا مشكورين الصوت الإيزيدي الخافت إلى اقسى أصقاع الارض كأقلية دينية مضطهدة. ويجب أن لا ننسَ الدور المشّرف الذي أداه البعض من الكّتاب والباحثين من غير الإيزيديين ومن ذوي العقول النيّرة التي عرفت حجم الانتهاك الذي تعرض له الإيزيديين له بحكم المعاشرة أو الوظيفة أو الاختلاط أوالعلاقات الاجتماعية كشهود من غير الإيزيديين، لما قاموا به من تأليف وتسليط الضوء على الحقائق متحملين الصعوبات والانتقاد وحتى الشتم في بعض الاحيان لكونهم ينطقون بالحق. لذلك هناك تسلسل منطقي في عملية النهضة ولكنها لم تصل إلى مرحلة الطموح الذي نبتغيه، رغم أنها حققت طفرة نموذجيه يعتد بها. إذن التحديات قائمة، ولكن لابد من تجاوزها وحسب الاولويات.
المرحلة الحالية وما فيها من الانفتاح والعولمة: لقد فاجأنا عصر العولمة والانفتاح والثورة المعلوماتية بما أتت به من ثقافة متشعبة التوجهات في الوقت الذي لم نكن مهيأين لها أونحسن استخدامها. فقد سبقنا سوء الفهم قبل سوء الحظ للتعريف بنا وقيمنا وتاريخنا المظلم والمليء باحداثه الدامية، وادى هذا إلى سيادة ثقافة الجدل على حساب ثقافة العقل والمنطق. وأن العالم يكبر وينمو ويتطور ويتقدم، ولكننا نبقى في حدود النقد والانتقاد والتجريح. فالنهضة تبدأ عندما يهاجم الشك شعور الانسان بالغبن ويهزه من الاعماق ويرى بأنه عليه أن يكون له بسمة على أحداث الزمن ويجب أن يكون جزءً من هذه المعادلة. عندها لابد له من ابراز دوره ومشاركة الحياة بما لديه من تاريخ وتراث وثقافة لمححاجة المقابل. ومن ثم تقديم صورة واقعية تحليلية ليعبر بها عن مدى امكانية المشاركة في الحياة بفعالية. ولكن ماهي الخطوات العملية التي يمكننا القيام بها للبدء فيه؟ وبتواضع يمكن اعتبار النقاط التالية من بين بعض الذي اراه ضروريا للتحدث فيها، وسنكون شاكرين لمن يضيف إليها ما يراه مناسباً.
اولا: لقد طلبت أكثر من مرة من تحسين بك عندما كنا نجتمع في اللجنة العليا بإرسال وفود أو لجان إلى كل من تركيا وإيران وسوريا وأوربا وروسيا مستفيدين من ميزانية الاوقاف، لجمع التراث وتصوير المستندات والوثائق. ولو كنت في أوربا الآن لدعوت إلى تشكيل لجنة من أكفاء وباحثين من المراكز الإيزيدية، ومن ذوي الخبرة في مجال الاجتماع والسياسة والاقتصاد وعلم النفس والقانون والتاريخ والجغرافيا والمرأة والتراث والدين لإصدار مطبوع صغير (فولدر)، يتم توزيعه في ايام المناسبات والاعياد وحتى اثناء المقابلات التي تجرى مع الشخصيات المهمة هناك بحيث يثير فيه مجموعة من الاسئلة التي تجذبهم للحديث والتساؤل والنقاش. إضافةً إلى اختيار بعض العبارات من خلال بوسترات أو صور الاحداث والخراب بشكل كاريكاتوري ولصقها في الاماكن العامة من البلدان الاوربية. أو من خلال الفرق الفنية والموسيقية في الشوارع العامة لتنبيه الرأي العام وإثارة التساؤل في المجتمع بحيث تجد طريقها إلى البرلمانات والمنظمات الدولية التي تهتم بشئون الاقليات في العالم الشرقي ومنها إلى المكتبات القومية بهدف الحصول على صور الكنوز والمخطوطات. ولقد رأينا صور لأقدم مخطوطة تم العثور عليها في زاخو قبل خمسة سنوات من الان مكتوبة على جلد الغزال، ولكن للأسف لم يعرف مصيرها ولم يطالب بها أحد وما هي الجهة التي تتبنى مسئولية فقدانها.
ثانياً: كأن تكون هذه اللجنة مخولة بصلاحيات من المراكز الثقافية في الخارج وكذلك المجلس الروحاني، وتحظى باحترام وقبول المجتمع وتتصل بالمنظمات الانسانية بهدف الحصول على تمويل لهذا النشاط. مع بعض الدعم المادي لإيصال صوتهم إلى الجهات التي يجب التفاعل معها من خلال مقابلات أو لقاءات مع الاعلام والصحافة وإلقاء محاضرات في المناسبات وتوجيه الدعوات إلى الشخصيات والمنظمات المهمة للحضور بهدف المزيد من التعريف باحوال المجتمع بدلاً من صرف الالاف على المناسبات للتركيز على هدف واحد فقط. أي يمكن استثمار نفس المناسبة كأن يكون عيد أو حفلة زواج للاستفادة منها إعلاميا وفي نفس الوقت تكون قد أدت غرضها الاجتماعي المطلوب. وهي بالتاكيد ستشد المدعوين من الاجانب أكثر من خلال ملاحظة الاداء الفلوكلوري الذي يعني لهم الكثير ويرسل برسالة بأن هذا التراث ليس من الفراغ.
ثالثاً: استثمار فرص عقد المؤتمرات المحلية بتوزيع البوسترات المعبرة عن المآسي ونقل الانطباعات إلى مجتمعهم سواء عن طريق الاعلام أو الاتصالات الشخصية وسيكون له اثر كبير على تغيير القناعات لما سيترتب على ذلك من دعوات ومقابلات صحفية وتعريف المجتمع بجذوره على الماهية التي يتصف بها المجتمع الايزيدي.
رابعاً: دعوة الفنانين إلى إقامة معارض فنية بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية التي تهتم بمثل هذه الأمور، وهي الاخرى ستستفيد من الدعاية التي تعمل لها بجذب الزبائن والمستثمرين الاخرين إليها وزيادة معرفتهم بها. وقد يكون لهذا الأمر وحده اكبر الاثر على حصول قناعات في الرأي العام الاوربي.
خامساً: طرق كل الابواب الممكنة لتمويل فضائية أو إيجاد مساحة من البث مع جهة معينة لتسليط الضوء على الواقع الإيزيدي من مختلف الزوايا باللغة التي يفهما الغرب. وحسب علمي، فإن هنالك جهات دولية تعرض خدماتها المجانية لمثل هذه الأعمال. وهنا لا أعني اللغة من الناحية الفنية، وإنما الاسلوب الذي يجب ان يكون فيه البث أو المقابلات لكي تصل الرسالة إلى ذلك المجتمع بما يفهمها ويتفاعل مع الحدث وعندها سنجد الدعم والاسناد لأن المجتمع الغربي لم يعد مستعداً لقبول ساعة من الوقت لكي تشرح له مقدمات عن واقع معين ويتحدث عن النفاق والمدح. بل يريد منك الدخول في الامر بحيث تقنعه بالوثائق ويفهم طبيعة اللوحة الأثرية التي تمثل في الإيزيديين كنموذج للديانات القديمة وحافظ على وجوده برغم هذا الحجم من المآسي. وكذلك ايصال تلك الأفكار بطريقة وآليه يفهمها المجتمع الغربي لاحداث قناعة في فكره بأن الغاية هي تحقيق مصلحة عليا للإنسانية من خلال مجتمع أثري، وليس الهدف الشخصي هو الاساس في المطلب.
إنني أعلم بأنه ليس من السهل القيام بعمل من هذا الحجم تقديراً للعمل اليومي وارتباط الناس باعمالهم الخاصة وارتباطاتهم الشخصية وظروفهم المعاشية. وأن العوامل والاساليب التي يجب اتباعها للتعريف بنا هي أكثر من هذا، ولكنها على الاقل ستكون البداية التي يمكن الانطلاق بها للخطوة الابعد وفي جميع الاحوال لابد من بعض التضحية. ومن الله التوفيق.


علي سيدو رشو/ رئيس رابطة المثقفين الإيزيديين
الجامعة الامريكية بالقاهرة
16/4/2008
rashoali@yahoo.com

0 التعليقات: