اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو

على ضوء التحليلات السياسية التي سبقت عملية الإنتخابات في العراق، جاءت النتائج متوقعة مع تلك التحليلات وهي سيطرة
الأحزاب الرئيسية وتحالفاتها على زمام الأمور. وبذلك سوف يكون لهذه الأحزاب اليد الطولى في التحكم بميزانية الدولة والوظائف والخدمات البلدية والمراكز القيادية لمنتسبيها. ونرجو ان لا يكون ذلك على حساب البقية الباقية من الأحزاب والتكتلات السياسية والشخصيات والكفاءات الأخرى والتي ستجعل من العراق -إذا حصل ذلك- أن يدور في فلك لا مدار له فيما إذا تغيبت تلك القوى السياسية عن المشاركة الفعلية في مهام الدولة الرئيسية مهما كانت أحجامها. ولكن يبدو أن القياسات الحالية تجري على أساس الحجم وليس الاستحقاق والكفاءة والنضال السياسي، وعلى هذا الاساس تم صرف الملايين من خزينة الدولة على شراء الذمم والدعاية الحزبية والانتخابية وتوفير الحماية للمسؤولين وعقد المؤتمرات والندوات، وإذا كان هذا مشروعاً للبعض فلماذا لا يكون كذلك للآخرين من الكيانات ايضاً؟ ولكن عندما يحين السؤال عن تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين فإن الجواب ببساطة هو أن الإرهاب يعتبر السبب الأساسي في عدم امكانية تقديمها. لذلك نقول، كم من الوقت سيستغرق هذا الوضع وعلينا إجتراره مرغمين؟ وكم من الضحايا علينا التضحية بها لكي تتكرم علينا الأحزاب بتصحيح الوضع وتقديم أبسط الخدمات إلى الناس وهي ماضية في تجاهلها لهموم المجتمع ومنشغلة في التقسيم إلى الحصص الطائفية والمناصب الإدارية وكأنها تعمل على أرض بلا وجود إنساني؟ إنها أسئلة ملحة مع كامل الاحترام لنضالها ومعاناة المسؤولين الأمنية.
فمن القتل والذبح وغياب الأمن إلى ازمة البطالة والنفط والبنزين ومنهما إلى الكهرباء والماء ثم إلى الحواجز والأسلاك مروراً بالتعليم والصحة وغياب السلطة وتفشي الفساد الإداري والرشوة. وأن كتابة مقال بسيط بهذا الحجم قد يستغرق يومين بسبب الانقطاعات الكهربائية أو تجميع أفراد الاسرة على ضوء الفانوس في غرفة واحدة في عصر الفضاء وبكلمة واحدة، فإن الذي يجري هو الجحيم بعينه. لذلك نقول بأن هذا الوضع غير الاعتيادي بحاجة إلى وقفة شريفة ونكران الذات والتركيز على معالجة هموم المجتمع الذي عانى الأمرين على مدى العقود الثلاثة الماضية، وليس بتقسيمه وزيادة معاناته التي اصبحت لا تطاق وكانه خلق ليعانِ.
لقد حصل الذي حصل، وعقدت المفوضية العليا (المستقلة) العشرات من المؤتمرات الصحفية وتابعناها جميعًا، ولكننا لم نلمس فيها الحقيقة التي كنا ننتظرها. بل كانوا يتهربون من معظم الحقائق البارزة ويركزون على أن الانتخابات جرت بجو ديمقراطي وحر وكأنهم مراسلون صحفيون ينقلون الاخبار من مواقع الانتخابات إلى القنوات الاعلامية. وعندما تعرضت المفوضية إلى الضغط وفضحت الأمور بشكل علني وباعترافاتهم، قامت بإرسال لجان (تحقيق) إلى المحافظات المعنية والتقت تلك اللجان مع وكلاء المفوضية فيها وقالوا بأن العملية كانت نزيهة وديمقراطية. ومع كامل احترامنا لآرائهم فإن الاعترافات الصريحة باستبعاد عدد كبير من الصناديق الانتخابية لمحافظة نينوى من عملية الفرز النهائي كان أقوى دليل على عدم نزاهة العمل الانتخابي، مما تجعلنا أن نشك بالنتيجة نفسها في المحافظات الاخرى كما في صلاح الدين وكركوك وبغداد وحتى المحافظات الجنوبية وكذلك في كردستان ولكن لكل منطقة خصوصيتها وطريقتها الفنية في التزوير. فقي بعض المراكز تم الاقتراع بشكل حملة عمل شعبي ( أي مجموعة من المتطوعين قاموا بانتخاب آلاف الاستمارات ليلة الانتخابات) والبقية الباقية وبتعليمات حزبية وزعت على مؤيديها مبكراً. وبعد ساعات من بدء العملية انتهت الاوراق الانتخابية وقامت الجهات الرسمية بذر الرماد في العيون بالمطالبة بالمزيد من الاوراق الانتخابية لمراكزها مدعين بأن المفوضية لم تلبِ المطلب الجماهيري وقصّرت في إرسال الاوراق الانتخابية إليها، وبالتالي فإنها ( أي تلك الجهات ) قد خسرت أصوات الناخبين لكي تغطي بذلك على فعلتها. ولكن القصد منه كان لسد الطريق على بقية الكيانات السياسية لكي لا تحصل على اية نتيجة تنافسهم في صنع مستقبل العراق وكأن هذه الكيانات ليست معنية بهموم هذا البلد الذي خرج من دكتاتورية الفرد ليدخل في دكتاتورية الجماعة.
إننا ومع كل هذا الذي حصل نثمن الانتخابات التي جرت كعملية ديمقراطية، وليست كإجراءات، وكان هناك إقبال واضح على إشباع هذه الرغبة والعطش إلى مثل هذه الفرصة التي طالما حلم بها العراقي وخاصة في المناطق الآمنة التي حرمت من العملية بشكل مقصودة. ولكن جاءت النتيجة مخيبة للآمال بعد كشف التلاعب والتزوير في جميع مراحل الانتخاب بدءاً بالتهيئة ومروراً بالانتخاب وانتهاءاً بالفرز وبهذا الحجم، ونتمنى أن يشكل هذا الخطأ درساً بليغاً للكيانات التي خسرت العملية لتكون على وعي بما هو مطلوب عمله في الانتخابات المقبلة. أما الذي لم نسمع به من قبل فهو هذا الورث من الأصوات التي حصلت عليها الكيانات الكبيرة من حصة الكيانات الصغير بعد انتهاء عملية الفرز والمصادقة على نتائج الانتخابات، والتي تعبر عن النتيجة الحقيقية للعملية الانتخابية التي جرت في تاريخ العراق.

علي سيدو رشو
الموصل في 20/2/2005
rashoali@yahoo.com

0 التعليقات: