اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو

من خلال المتابعات والقراءات المستمرة لما ينشره الكتّاب الأفاضل على صفحات مختلف وسائل الإعلام والإنترنت وبأقلام السادة من (الكرد الإيزيديين) وبعض الكتّاب من الأكراد أنفسهم، وقد لا يحس القارئ الكريم وخاصة البسطاء من الإيزيديين بمدى خطورة مثل هكذا عمل على مستقبل الفكر والديانة الإيزيديتين.

ومن المؤسف أن نجد بأن هذه المشكلة خلقها ( الكتّاب الإيزيديون) ليضيفوا مشكلة أخرى إلى معاناتنا وجعلتنا أن نرتبك أكثر فيما بيننا لكي لا نتفرغ لما هو أهم منها، وهي التعمية على القضية الأساسية للإيزيديين ألا وهي المطالبة بمشاركتهم في صنع الحياة في العراق الجديد لإبراز الدور الأساسي لهذه الشريحة المهمة من المجتمع العراقي. ولأهمية هذه المسألة في نظرنا سوف نسلط الضوء على بعض تلك المسائل ونترك للقارئ الكريم الحكم ليرى بنفسه فيما نذهب إليه.

في مجلة لالش، العددين (13و15)، وبقلم السيد سعيد خديدا موضوعان يشيران إلى مشاهير الكرد ويذكر في العدد 13 وتحت عنوان من مشاهير الكرد البروفيسور قناتي كردو. حيث يقدم السيد الكاتب مقدمة عن مولده وعائلته ويقول بأنه ولِد من أبوين إيزيديين في كردستان الشمالية وهو شخصية معروفة لدى جميع الأوساط الثقافية الكردية، ثم يتحدث عن نشأته ونضاله وكفاحه من أجل الحياة ودفاعه ضد القوات الألمانية وسيرته العلمية وشهرته ومماته. وقد وردت كلمات الكرد وكردستان وكردي في المقال المؤلف من خمسة صفحات 74 مرة، بينما وردت كلمة إيزيدي فقط 3 مرات وبشكل خجول وبتخوف ومسبوق بكلمة الكرد ثم يقول بأن عائلته كانت تدين بالديانة الإيزيدية كما هو الحال عندما يأتي ذكر الإيزيديين على لسان المسلمين المتطرفين. (تصوروا يقول كانوا يدينون بالديانة الإيزيدية) وكأن لسان حاله يقول للآخرين بأن قناتي كردو وعائلته قد أسلموا.

إن المجتمعات التي من أمثالنا يفخرون بأن ينهض من بين معاناتهم شخصية علمية وأدبية مرموقة كشخصية قناتي كردو المعروفة عالمياً بعطائها الثر، وعلى الرغم من إنه لم يقدم على حد علمي لديانته ما يجب الوقوف عنده كنضال، ولكنني متأكد من إنه كان يقصد في كل حركاته أن ينهض بالواقع الإيزيدي المتردي لكي يتحدى الظلم والجور الذي كان يلحق بهم ويبعث برسالة إلى ذلك الوضع المتردي ويقول له بأن الإنسان لا يمكن أن تقف طموحه عند محطة معينة دون أن يجد الوسيلة للالتحاق بالمحطة الثانية وهذه هي سمة المجتمعات الحية والمناضلة التي تتحدى الصعاب. ولكنني أتعجب لماذا لم تلتفت الفضائيات الكردية ولو بمرور الكرام على شخصية مشهورة من أصل إيزيدي لتقدمها في برنامج من مشاهير الكرد ضمن البرنامج التلفزيوني اليومي؟ إنه سؤال موجه للسادة الكتّاب في هذا المجال.

وفي العدد 15 من نفس المجلة، كان ضيف هذه الحلقة (من مشاهير الكرد هو داود الداوود). ولقد استرسل السيد الكاتب في بيان نشأته وسيرته ونضاله وحاول أن يربط بين حركاته الثورية ضد الدولة العثمانية والإنكليز على أنها امتداد للحركات التي حدثت في كردستان.

لكنه لم يستطع أن يجد المادة اللاحمة التي يمكنه أن يغطي بها على الفصل الكامل بينهما. فيذكر على متن الصفحة الثانية من مقاله " الحملة التي قادها والي الموصل طيار باشا في سنة 1846 على شنكال للنظر في مظالم الوالي السابق محمد باشا كريدلي وجمع الأموال الأميرية من أهلها". ونسأل السيد الباحث ، ماذا جرى في هاتين الحملتين على الإيزيديين في سنجار؟ وماذا كانت أهداف الحملتين من بين عشرات الحملات الأخرى للإبادة الجماعية؟ وما هي أهداف حملة عمر وهبي باشا على سنجار والتي تصدّى لها داود الأول حسب ما ذكره السيد الباحث على نفس الصفحة؟ ومن هو الحاج إبراهيم بك الذي قاد حملته العسكرية على سنجار عندما تصدى له كل من حمو شرو وداود الداود وتركا خلافاتهما السابقة جانباً ليتصديا لحملة إبراهيم باشا الكردي وهي ملحمة معروفة في الأدب الغنائي الإيزيدي، بعد أن تكبد خلالها أهالي سنجار الكثير من القتلى والجرحى ودمار القرى.

أليس كانت حملة الحاج إبراهيم بك، حملة كردي على الإيزيدية بهدف التأثير على الإيزيديين كديانة؟. ولكي نوضح بعض الحقائق التاريخية نشير إلى ما ورد في مجلة لالش نفسها العدد 16 ص98-99: في تلك الفترة أي في سنة 1847 ثار بدر خان الكردي ضد العثمانيين في ديار بكر وكان مستبداً بقتل الإيزيديين بدافع ديني مما جعل الإيزيديين يتطوعون إلى جانب عثمان باشا الكرواني ويتصدون لبدر خان الكردي إلى جانب السلطات العثمانية، لماذا؟. وعلى متن الصفحة 99 يذكر الباحث والمترجم نقلاً عن لايارد: وفي عام 1849 أرسل الشيخ ناصر -وهو بابا شيخ الإيزيدية ولكنه أيضاً من مشاهير الكرد- رسالة شكر إلى الوزير الأعظم في الأستانة وذلك بعد محادثات أجراها مع لايارد وستراتفورد كاننغ وتضمنت الرسالة تعهده بإقناع الإيزيدية بالخدمة في الجيش العثماني. وذكر لهم بأن أسلافهم الإيزيدية كانوا قد خدموا جميعاً إلى جانب القوات العثمانية في جيش مراد الرابع.

إلاّ أن الشيخ ناصر أقترح على الوزير بأنه وبسبب المذابح التي تعرضوا لها فإنه يرتأى قبول الباب العالي بإعفائهم من الجيش لمدة خمس سنوات متتالية مقابل بدل نقدي، وأن تكون خدمتهم بعد هذه السنوات في وحدة مسيحية بدلاً من وحدة مسلمة.

لذلك نقول للسادة الأفاضل، إن معاناة الإيزيدية لم تكن معاناة قومية مطلقاً بل مبعثها وأهدافها جميعاً هي النيل منهم على الأساس الديني.

ويذكر السيد الباحث على متن الصفحة 130 بأن ردة فعل الإيزيديين من التجنيد الإجباري ليست دينية، وإنما كما يؤكد عليه المؤرخون العرب أمثال السيد عبد الرزاق الحسني للتقليل من شأن هذه الثورة وإبعاد الصفة القومية عنها وإلحاق التهم الباطلة بالكرد الإيزيديين وهو من الذين يؤكدون على هذه الناحية.

ونسأل السيد الباحث فيما إذا كان قد اطلَّع على المذكرة التي قدمها السادة رؤساء الإيزيدية إلى الحكومة العثمانية في حينها بخصوص التجنيد وكذلك مذكرة الشيخ ناصر إلى الباب العالي، هل وردت فيهما إشارة واحدة تشير إلى علاقة الإيزيدية بالجانب القومي؟. لذلك نقول، كفاكم يا أخوان لخلط الأوراق وحاولوا أن تكونوا عناصر إيجابية للفصل فيما بين الدين والقومية لأنهما لا يمكن لهما أن يجتمعا بنجاح إلاّ وأن يأخذ كل منهما استحقاقه بدون أن يأخذ هذا من حصة ذاك أو بالعكس.

وعلى الجانب الآخر يأتي السيد شمو قاسم فيذكر في العدد 18و 19 من مجلة لالش بأن

"من مشاهير الكرد حمو شرو". وإذا كان في داود الداود شيء من المعقولية في إن نضاله

كان لأجل القضية كردي، فلم نسمع عن أكراد يلبسون الخرقة المقدسة والغريب في الأمر لم يذكر السيد الباحث حمو شرو كإيزيدي ولم يذكر أية حادثة في حياته إلاّ وربطها بالجانب القومي علماً إنه كان معروفاً بتشدده الديني المتزمت تجاه المسلمين من العرب والأكراد كما هو الحال مع داود الداود. ولم يكتفِ بعض الأخوان بالجانب القومي الكردي للإيزيديين فذهب عدد كبير من الباحثين الإيزيديين للأسف بأن الإيزيدية ديانة من الديانات الكردية، وقد كتبت إلى البعض منهم أن يزودوني بعدد الديانات الكردية ومنشئها لكي أعرف إلى أيّ من تلك الديانات أنتمي.

ثم يأتي السيد خضر دوملي ويقول بأن لالش هو أقدم معبد كردي كعنوان لمقاله على صفحة من جريدة داسن الإلكترونية، وأن الذي يقرأ عنوان المقال يفهم منه على أن هذا المعبد هو خاص بالأكراد وأن المفهوم لدى الآخرين فإن الأكراد هم يدينون بالديانة الإسلامية.

وقد يكون قصد الكاتب من هذا العنوان لكي يذكِّرنا بما جرى آخر الأمر عندما ذهب سليم أفندي من أشكفتهندوا بصحبة السيد صديق الدملوجي مدير ناحية أتروش آنذاك سنة 1906 ومعهم أربعة من المتشددين المسلمين الأكراد وأثناء فترة المناقشات بين السيد الدملوجي والقائمين على المعبد من الإيزيديين. توظأ الطلاب الأربعة في ماء زمزم وصاح أحدهم آذان الظهر وترك الإيزيدية المعبد على أثرها واصبح مدرسة إسلامية لمدة عشرة سنوات. وقائمة المآسي طويلة في هذا الجانب.

لذلك يمكن أن نستنتج بأنه القيادات الكردية يمكنها أن تستريح من معاناتها التي استمرت مع الحياة والنضال من أجل الحق القومي الكردي لأن الكرد الإيزيديين يمكنهم أن يسدوا الفراغ ويواصلوا النضال والبركة فيهم لإنهم حققوا ما مطلوب منهم لمجتمعهم الإيزيدي وتعلموا كيف عليهم أن يأخذوا بحق المظلومين من الأقوام الأخرى.

وهنا تحضرني حادثة تاريخية حصلت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب(رض) يمكن اختصارها بما يأتي: كان يتردد على مجلس الخليفة قس نصراني مساء كل يوم وكان الخليفة يكن له كل التقدير والاحترام ويستقبله يومياً في مدخل الديوان على أفضل ما يرام ويجلِسه إلى جانبه. حدث في أحد الأيام أن فكر القس بمدى الاحترام الذي قد يلقيه على يد الخليفة عندما يعلن إسلامه وبالفعل أعلن إسلامه بعد حين وعلم بذلك الخليفة، فجاء القس إلى المجلس بشوق وقال السلام على أمير المؤمنين، فرّد عليه الخليفة وقال، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولكنه لم يستقبله كالعادة في مقدمة الديوان. ووصل القس إلى منتصف الديوان وقال السلام على أمير المؤمنين، فرّد عليه الخليفة وقال عليك السلام ولم يتحرك من مكانه. وتقدم القس أكثر فأكثر إلى مقام الخليفة وقال السلام على أمير المؤمنين، فرّد عليه الخليفة السلام وأشار إلى أحد الجالسين من العامة ليترك للقس محله ليجلس فيه.

احتار القس من الأمر وقال: يا أمير المؤمنين عندما كنت على الدين المسيحي كنتَ تقدم لي الاحترام وعندما دخلت‘ الإسلام لم تعد تقيس الأمور بنفس ما كنتَ عليه. فرّد عليه الخليفة وقال: كنتَ في السابق تمثل قوماً وكنت أحترم ذلك القوم أما اليوم فتمثل نفسك فقط ولذلك يكون من الآن حالك هو حال أي مسلم. وعذراً للأخوة الكتّاب على هذا المثل لأن الأمثال تضرب ولا تقاس، ولكن علينا أن نتعلم من دروس الحياة ولكي نحافظ على كرامتنا، علينا أن نرسخ خصوصيتنا وننطلق منها لنتعاون مع أيةِ جهة.

علي سيدو رشو/رئيس رابطة المثقفين الإيزيديين في العراق

rashoali@yahoo.com

الموصل في 24/4/2005

0 التعليقات: