اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو


على مدى ثلاثة أجزاء من العرض الذي حققه السيد كفاح محمود كريم ونشره في منتدى "واتا" بتاريخ 21/8/2008، حول ما ورد في كتاب "خلاصة تاريخ الكرد وكرستان" لمؤلفه المؤرخ الكردي محمد أمين زكي (1880-1948)، بشأن مكونات الشعب الكردي والاقوام والفئات التي تكّون منها على مر التاريخ تحت عنوان "الكورد وكوردستان في الموسوعات العالمية". شرح الباحث كفاح وعلّق بشيء من التفصيل وحسب التواريخ، أصل الانحدار الذي أتت منه تلك الاقوام والجماعات ليتشكل بالتالي الشعب الكردي الذي نعرفه اليوم. فالذي تجلّى من عرض السيد كفاح بشكل عام، هو أن هذا الشعب مكون من طبقتين اساسيتين؛ هما الاقوام التي كانت تقطن جبال زاكروس بالاساس وهم حسب رأي المؤرخ المذكور شعوب "لولو، كرتي، كوتر، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، ونايري" وهم الاصل القديم جدا للشعب الكردي. واما الطبقة الثانية: فهي تشمل الاقوام الهندو-أوربية التي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد (دون ذكر اسباب الهجرة)، واستوطنت كردستان مع شعوبها الاصلية وهم "الميديين والكاردوخيين"، وامتزجت مع شعوبها الاصلية ليشكلا الامة الكردية.
واستطرد الباحث كفاح في شرح وتفسير ما ورد في الكتاب المذكور على ضوء ما جاء في كتب المؤرخين، وما رافق تاريخ الكرد من تهميش ونبذ لحقيقة وجودهم. بعد ذلك اتى على ذكر الامارات الكردية التي تم تشكيلها على مر التاريخ واسماء تلك الامارات والفترات الزمنية التي دام حكم كل منها وهي: الروادية (230-610)، والسالارية (300-420)، والحسنوية البزركانية (959-1015)، والشدادية (951-1199)، والدوستكية المروانية (990-1085)، والعنازية (990-1117)، والشوانكارد واللورية الكبرى واللورية الصغرى وإمارة أردلان (1169-1867)، وعشرات الامارات الاخرى منها إمارة بوتان وإمارة سوران وإمارة بهدنان وإمارة بابان التي استمر حكمها لغاية (1851م). وفي الحقيقة هنالك تخبط واضح في تفسير المؤرخ محمد أمين في تنسيب بعض الاقوام إلى الكرد مبنياً آراؤه على أعتقادات وفروض وليست دراسات وابحاث ومصادر كما ورد في فروضه عن التنقيبات التي جرت على بعض المواقع الاثرية في سوريا وفي موضوعة الهوريون بشكل أساسي.
وهنا، لا أريد ان اشرح مطولا حول ما ورد في هذه الاجزاء الثلاثة من العرض الذي قدمه السيد كفاح لذلك الكتاب، وسوف اترك للقاري الكريم أن يقرأ بنفسه من خلال الروابط التالية عن تلك الاقوام التي تشكلت منها الشعب الكردي. ولكن الذي لفت انتباهي هو عدم ورود أسم الايزيدية ضمن أي من تلك الاقوام القديمة التي كونت الشعب الكردي فيما بعد، وإنما فقط تم ذكرهم ضمن إمارة سوران عندما هاجمهم محمد باشا الراوندوزي (1831) وحاول إدخالهم الاسلام بالقوة وقد نجح في إبادتهم، ولكنه فشل في إدخالهم الاسلام.
فيا حبذا لو نعرف من السيد كفاح حسبما متوفر لديه من معلومات؛ هل أن المؤرخ محمد أمين زكي (1880-1948) نسي هذا الجزء الاساسي من الاصل الكردي الذي لا تكف الالسن صباح مساء بقولهم بأنهم (أي الايزيديين) هم أصل واساس الشعب الكردي، بل أن دينهم هو دين كردي؟ أو سقط سهوا ولم يذكرهم كحقيقة؟ أم إنه كان يعرف الحقيقة التي تقر بأن الايزيديين ليسوا أصل العرب كما كان يقال في السابق وبان زيفها، وكذلك ليسوا أصل الكرد كما يقال الآن، وإنما أصلهم أعرق وانقى من الشعبين الكردي والعربي لأنهم لم يختلطوا وراثيا بأي منهما. لقد ورد أسمهم فقط في مفصل الهجوم الذي نفذه أمير راوندوز لكي يدخلهم في الاسلام زورا وبالقوة ولم يشر السيد المؤرخ لا من قريب ولا من بعيد، ولو بالتلميح، إلى أن الايزيديين هم أحد الجذور الاساسية للشعب الكردي، أو على الاقل أنهم (أي الايزيديين) امتداد لاحدى تلك الجذور التي كونت الشعب الكردي فيما بعد. وأعتقد بأن هذا الامر يحتاج إلى شيء من التحقيق والتبّحر لكي تقف الناس على حقيقة الموضوع لأهميته، خاصة الشعب الكردي لكي يتعرف على جذوره وانحداره بدون زيف.
فالحقيقة التي لا جدال فيها سواءً بسبب حملات الابادة والتطهير العرقي أو اجبار الايزيديين على ترك ديانتهم والدخول في الاسلام، أو بسبب العوامل السياسية والاخطاء المتعمدة من قبل موظفين متشددين أثناء التسجيل الاحصائي. فإن الايزيديين الذين دخلوا أو أدخلوا الاسلام في العراق وسوريا وتركيا وغيرها، دخلوا الدين الجديد مع لغتهم البهدنانية كما يحصل الان في سوريا وفي منطقة عفرين بالذات عندما تم تسجيلهم مسلمين من قبل موظفي الاحصاء، متعمدين في ذلك، في عشرينات القرن الماضي، أي أنهم لم يدخلوا الكردياتي وبعد ذلك تعلموا لغة الاكراد، وإنما حملوا تلك اللغة معهم إلى الحال الجديد وبقوا على ممتلكاتهم واراضيهم. وبذلك أصبحوا مسلمين موقعياً، عن جهل ولكن بتخطيط من المتشددين، مع لغتهم الاصلية. أي أنهم دخلوا الدين الجديد ومعهم لغتهم البهدنانية الكرمانجية واليوم يقال لهم بأنكم أكراد لأن لغتكم كردية. فلغتهم الكردية-الكرمانجية-البهدينانية كانت معهم وهم أصحاب الفضل فيها على الاكراد وليس العكس. وهكذا أصبحت الامور مع الزمن وتلاشت الخصوصية وذابت في الاخر، وكما يقول المثل المصري فإن "بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم".

علي سيدو رشو
القاهرة في 1/9/2008

0 التعليقات: