اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو

علي سيدو رشو

لابد في البداية من كلمة شكر لكل جهد مهما كان لأنه سيثير مناقشة وإبداء الرأي، وهذا بعينه يعتبر مكسباً ولكن لمن يعرف كيف يوجهه ويحدد اتجاهه. نقول، إذا كانت هنالك مشاركة من مختلف فئات المجتمع الإيزيدي، فلا بد من مشاركة منظمات المجتمع المدني في ظل التحول الديمقراطي، في حال أن هنالك ديمقراطية في هكذا عمل. وإذا كانت المشاركة فقط من مراكز لالش، فهذا يعني الكثير لأن هذه المراكز ما هي إلاّ واجهات حزبية ضيقة للحزب الديمقراطي الكردستاني. أي بمعنى أن هذا الأمر لا يعني المجتمع المدني، وإذا كانت الدعوة تشمل فقط بعض المنظمات التي تم تشكيلها في وقت كانت مستقلة في بدايتها، ولكنها الآن هي الأخرى تعمل لخدمة هذا الحزب أو ذاك، فهذا شأن لا يختلف فيه الأمر عن سابقاته. في نظرنا، فإن هذا المؤتمر المزمع عقده لا يمس الإيزيدية بشيء من حيث الهدف الحقيقي، وإنما مؤتمر سياسي وهو مسخر لتطبيق المادة 140 وتعبئة الجمهور الإيزيدي لهذا الغرض، فلا بأس من ذلك. لذلك نرى انه لا يتجاوز حدود تلك المجموعة التي تدور في هذا الفراغ منذ زمن طويل رغم التنبيه وإطلاق الصيحات، وكأن المجتمع الإيزيدي قد خلي من البشر إلاّ هذا النفر الذي دق إسفينا بين المجتمع الإيزيدي والشعب الكردي. وقد يفهم البعض بأنني اقصد نفسي بهذا الكلام ولماذا لم توجه لي الدعوة في هذا الشأن؟ وأعتقد بأن ألقاصي والداني، وأولهم أنا، يعلم بأنه من المستحيل أن تحصل مثل هكذا دعوة، ولكن علينا أن نقول ما يجب قوله وهو فقط للتذكير وللتاريخ أيضاً. من الجانب الآخر أرى تخبطاً واضحاً بين ثلاثة تيارات وهي على قدر المحاور الثلاثة التي حددتها اللجنة التحضيرية.المحور الأول: محور النفاق السياسي الذي يريد القفز فوق كل اعتبار ويفوز برضا أسياده مهما كان الثمن، وهذا ليس بغريب على هكذا (مناضلين) عاشوا على نضال الشرفاء واستفادوا من دمائهم، وهم بذلك يريدون اعتبار الإيزيدية كجسر للعبور فوق الحقائق والانتفاع من الموقف سياسياً ومادياً.المحور الثاني : وهو المحور الذي يريد تحقيق طبقة سابعة في المجتمع الإيزيدي والذي يقول فيه قولاً يسلط الضوء من خلاله على موضوع تحقيقه غاية في الصعوبة وهو يطرح رأياً في الإصلاح والتطور ولكن يريد به باطلاً. والباطل الذي يريده هو معاناته من نفس المشكلة التي تم إثارتها، حيث إنه يريد تطبيق الديمقراطية الألمانية في بلد يعج بالإسلاميين المتطرفين والذين يرفضون حتى أسم الديمقراطية المعقولة. مهلاً يا أخوان فإن المجتمع الإيزيدي يعيش في الشيخان وسنجار (يمكن نسيتم مأساة وتداعيات قتل كمال كتي في سنجار أو الهجوم الإرهابي على الشيخان، والشيخان ليست ببعيدة عن رئاسة برلمان أقليم كردستان)، حيث لم تندمل جراحات الشيخان بعد وما حصلت من كوارث قبل أشهر من الآن لا تقدر بثمن. فأين يمكن تطبيق هذه الديمقراطية التي تدعونها، أهي في وسط لا يقبل به من الأساس؟ هل ترون ما يعانيه المجتمع الإيزيدي من انهيار في ظل الوضع الجديد الذي تم إبعاده من كل أمل كان يحلم به؟ هل أن طرح هذا الموضوع يعني حل للمشكلة أم تعقيدها؟ ماذا حققتم لمجتمعكم لكي تبدأون بتهديم البناء الأساس؟ أليس طرح مثل هذه الأفكار تتشابه مع فتوى شيخ الأزهر في رضاعة المرأة لزميلها في العمل؟المحور الثالث: وهو المحور المعتدل والذي أشير فيه إلى كل كلمة جاءت في مقال السيد وسام جوهر وبعض الأخوة الآخرين الذين رسموا بكل شفافية ومن المنظور الصحيح، معاناة المجتمع الإيزيدي وقوله الصحيح بان المؤتمر ليس إلا مؤتمراً حزبياً يراد منه تطبيق المادة 140 والباقي كله حشو في حشو ومضيعة للوقت. وحتى الأكراد لم يوافقوا على عقد المؤتمر في كردستان ما لم يساهم في ضياع وذوبان الإيزيدية في الدين الحق. وأن الكلام الذي يراد منه هذه المواقف هي بعينها التي طالب بها السيد أنس الدوسكي في كتابه المشئوم وليس أقل منها خطورة، حيث كان قد أشار فيه إلى مثل هذا العمل.ولكن لنعد إلى ما طرحه الدكتور خليل جندي في موضوعه؛ أي مؤتمر...، إن السيد الفاضل ترك العراق منذ ثمانينات القرن الماضي، وكذلك السيد بدل فقير حجي فيما بعد. وبديهي أن يحمل معه تناقضاته الشخصية والمجتمعية كإنسان مهتم بهذا الأمر وعايش الواقع الذي تركه بكل أسقامه. وعندما أستقر به الأمر في الشرق في بداية الأمر، ومن ثم في الغرب فيما بعد كأي شاب شرقي عايش مجتمع متخلف بقياسات التقدم والتخلف حسب التصنيف، وحاول أن يغربل هذه التناقضات ويخرج على الآخرين بحصيلة. وهو كإنسان مثقف يشعر بأنه معني بتغير واقع مجتمعه نحو الأفضل وهذا من حقه الطبيعي، كما من حق السيد بدل فقير حجي الذي أثار الموضوع من أوله ومن ثم فعّله الدكتور خليل من خلال مقالته المعنية. ولقد بذل الدكتور الفاضل والسيد خدر سليمان جهداً متميزاً في بداية الثمانينات وما بعدها من تأليف وجمع وتحقيق ومقابلات للتعريف بهذه الديانة العريقة. وأن أجمل ما كتبه الدكتور خليل عندما قال بأن الإيزيدية عبارة عن تلة أثرية وبقدر ما يحصل لها من تنقيب، بقدر ما تحصل منها على عبق الماضي السحيق لما لها من جذور تمتد إلى العمق الإنساني. فلا أدري ماذا حصل لكي يحدث هذا التغيير في تفكير هذه المجموعة التي كنا نعلق عليها عظيم آمالنا، خاصة بعدما عاشوا في الغرب وعرفوا كيف يمكنهم أن يطلقوا لمؤهلاتهم العنان لخدمة بني جلدتهم. ولكنني أقول، هل كان كتابة هذا المقال في وقته المناسب؟ وأرجع وأقول للسادة المحترمين وبكل سرعة لأجيب على نفسي بأنه لم يكن اختيار الوقت موفقاً. ففي رأيي المتواضع، لم يأتِ أحداً منهم بجديد (كنا نسمع بهذا الحديث في السبعينات من القرن الماضي أثناء أحاديث تدور فيما بيننا وكانت تثار تلك الأفكار من قبل مجموعة من الطلبة الجامعيين من أهل الشيخان)، حيث إنهم قاسوا الفترة الزمنية التي عاشتها أوربا منذ سيطرة الكنيسة على الواقع الإنساني بكل نشاطاته، وما آل إليه حال المجتمع بعد أن عرفت تلك المجتمعات خطورة التداخل فيما بين الدين والسياسة. ولكن يخطأ من يقارن هذا المجتمع الصغير الذي لم ينفك أن يخرج من محنة لكي يدخل في الأخرى، وهذا الدين العريق الذي جرّبت عليه كل إمكانيات الأعداء البشرية والمادية لمحوه من الوجود على الرغم من انه غير تبشيري، ليأتوا به ويدخلوه في هذه المتاهة وخلق طبقات ليس لها أهمية حقيقية على أرض الواقع. ولكن لنسأل، كيف يمكن لأهل النظرية أن يضمنوا بأن الناس الذين سيشملهم هذا الأمر سوف يبقون في حدود دائرة هذه الطبقة؟ مثلاً، هل أن الذين يدخلون الديانة الإيزيدية من خارجها سيقبلون بالبقاء في تلك الطبقة؟ وهل الذين يخالفون الشريعة الإيزيدية سيقبلون بالبقاء في تلك الحدود المرسومة؟ وهل يعتبر هذا من وجهة نظر حقوق الإنسان شيء مقبول؟ أليس له الحق في اختيار الطبقة التي يريدها ما دام له حرية الرأي والمعتقد؟إننا لسنا ضد التوجه الذي يطرحه السادة الكرام كأفكار هم يؤمنون بها وآراءهم محترمة، ولكن لنقل أترك كبائر الأمور للزمن ومن ثم راقبها بحيث تبقى تحت المجهر وفي حدود السرعة والتعجيل المناسبين، وهذا من صميم عملكم كمثقفين ولكن متى ما رأيتم بأن الوقت مناسباً، لا باس من مساعدة العجلة لكي تدور. ولأجل أن أوضح رأيي هذا أقول؛ كنت في كندا في صيف عام 2005 ، وسمعت بأن البرلمان الكندي قد وافق على تشريع يخول فيه المحاكم بتنظيم العلاقة الزوجية بالمثل، أي الزواج المثلي. وبعدما استفسرنا عن هذا الإجراء من مختلف الشرائح الاجتماعية، قيل لنا بأن دولاً في الغرب سبقتهم إليه وهو قانون عصري ومتماشي مع روح العصر وتطوره. هذا من وجهة نظر المجتمع وقد فرضه على الواقع بعدما طبقها المجتمع رغماً عن أنف الشرع والقانون. أما رد فعل الكنيسة، فقد جاء بمنع رئيس الوزراء الكندي للصلاة في الكنيسة التي كان معتاداً أن يصلي فيها احتجاجاً على التوقيع على ذلك التشريع. ولكن لنعد ونقول، متى طبق هذا الأمر في كندا؟ لقد تم تطبيقه في أوائل عام 2005 بعدما سبقته دول في الغرب المتطور في التطبيق مثل ألمانيا والسويد على حد علمي وأن الأرضية الثقافية لذلك المجتمع كانت قد قبلت بها. لذلك، فإن الوضع الثقافي والنضج الاجتماعي في المجتمع الإيزيدي لم يبلغا درجة القبول بمثل هكذا آراء وتطبيقات (رغم اعتراضي الشديد عليها)، وليس الإيزيديون فقط وإنما أي مجتمع يعيش في الشرق الأوسط. فهل نحن الإيزيديون معنيين بتطبيق مثل هكذا تغيير لنكون البوابة التي منها يمكن أن يتغير الوضع في الشرق الأوسط نحو الديمقراطية في تغيير سلوك المجتمع الذي أعتاد عليها منذ مئات السنين؟ لذلك نقول للسادة الكرام، بأن الزمن كفيل بتغيير الواقع، ولا بأس من طرح الأفكار ولكن علينا التحسب واحترام الدماء التي سالت لأجل الحفاظ على الهوية النقية لهذا المجتمع النظيف، ونختلف بشدة مع رأي الدكتور خليل عندما يقول أين نظرية النقاوة في المجتمع الإيزيدي. ونقول حذار من اللعب بالنار في وسط لا يقبل بهذا الأمر على نفسه ولكنه يقبلها على الغير (أقصد المجتمع المحيط بنا)، ليس لأنه مؤمن به ولكن لأجل أن يفجر مثل هذه القنبلة في وسط المجتمع الإيزيدي الذي يعمل جاهداً لذلك الفعل، وأن المجتمع الإيزيدي نظيف وسيبقى كذلك. وإذا كانت المجموعة من العوائل والشباب التي هاجرت إلى أوربا ترى في هذا الشأن ضرورة ملحة وكأن عجلة تطور البشرية تنتظر هذا الإجراء من الإيزيديين، فنقول بأنه من الصعب تطبيقه على مجتمع يعيش في وسط عالم لا يقبل بمثل هذا التطور المفاجيء ولا يمكن القياس على هذا الأمر من قبل مئات العوائل التي هاجرت إلى أوربا. ولو أخذنا الموضوع على محمل الجد، وهو ما يجب علينا فعله، بتفاعلاته الإيجابية وتداعياته السلبية، ولكن بتأنِ. فالجانب الإيجابي فيه هو تحفيز من كان يراهن على الزمن بأنه المعني بتغيير الواقع، فعليه أن يفيق من غفوته، وهنا أقصد سمو الأمير تحسين بك وهو على رأس المجلس، وعليه أن ينظر إلى الواقع من حوله بعين المجتمع الإيزيدي القابل للتطور قياساً بمحيطه الإسلامي، فقد يحصل تطور سلبي وهذا وارد جداً. إضافةً إلى دور العولمة والانفتاح على العالم من خلال الانترنت والفضائيات وتزايد حجم الضغط السياسي للمطالبة بالحقوق والضمانات الدستورية في ظل غياب الحقوق المدنية والسياسية للأقليات وزيادة حجم الانتهاكات لتلك الأقليات الدينية والعرقية. أما على الجانب السلبي، فإن الالتزام بالقواعد الدينية والتشريعات المنبثقة عنها والسلوكيات التي ارتبطت بها منذ أكثر من 800 عام. فليس من السهل التلاعب بها من دون معارضة قوية خاصة إذا ما رافق ذلك من شم رائحة الجانب السياسي من العملية، ما لم يكن هنالك من بديل مقبول ومتفق عليه.فالمشكلة إذن ليست في التشريعات ولا في الدين، وإنما في سلوكيات بعض الرموز، وهذا لا يبرر مثل هذه الدعوات إلاّ بدافع القصد الهدام. وكذلك لا يمكن لهذا المؤتمر أن يحل ولو 1% من الموضوع، بل من الممكن أن يكون هذا المؤتمر على حسب دعوة الدكتور خليل (ويجب أن لا ننسَ دور السيد بدل فقير حجي الذي أثار الموضوع)، عائقاً كبيراً أمام الهدف المعلن، اللهم إذا كان له أهداف غير معلنة. ولكن المشكلة تكمن في التربية العائلية والدينية للمجتمع، وهنا سوف يلام الدكتور لكونه من الطبقة المعنية بتغيير المجتمع نحو الأفضل وعلى أسس سليمة بطريقة استقرائية تأخذ من الواقع أرضية للموضوع وبدلاً من هذا الانهيار الذي سيسببه هذا المؤتمر كان من الممكن أن تكون الدعوة مطالبة الجهات الداعمة للمؤتمر من بناء دور في القرى والمجمعات وتعيين مشرفين من ذوي الخبرة والكفاءة والثقافة لتقوم بدورها الإرشادي على أسس متطورة بما يناسب التقدم الذي يحصل في العالم من تطور تقني وتفاعل حضاري. أما أن نقول بأننا متخلفين عن العالم ونبقى في نفس حدودنا من الحركة ولكن فقط في جانب الهدم من البنيان القديم، فأرى بأن للموضوع تداعياته السلبية أكثر من الفوائد المرجوة منه إيجابياً. فمثلاَ، هل غيّر المسيحيين من قانون الزواج بأكثر من زوجة على الرغم من الدعوات والحاجة الملحة اجتماعيا إلى مثل هذا التغيير؟ فلو أخذنا المثال الذي ورد في مقال الدكتور من جانب إيزيديي سوريا. لقد زرت سوريا في آذار الماضي للوقوف على ذات الموضوع بدافع الإطلاع، والتقيت بعوائل متعددة ومحترمة في قرى محافظة الحسكة وهم على درجة عالية من العلم والثقافة وفي نفس الوقت التمسك بالقواعد والسلوكيات الدينية، فلا اعتراض بينهما. ولكن الذي حصل في عفرين بالذات من أعمال حلب، وحسب فهمنا للواقع ومن أفواه الذين التقيناهم في حلب. إن الاختلاط بالزواج من خارج طبقته الدينية وارد فعلاً ويزورهم الأمير وغيره، وهنا لا بأس من الزيارة للإطلاع على حقيقة الأمر والتوعية والإرشاد، وليس بهدف جمع المال. والأكثر من ذلك فإن هنالك أكثر من 40 قرية إيزيدية اعتنقت الإسلام (وأصبحوا أكراداً وهم يطالبون الإيزيدية الباقين على دينهم بالدعوة إلى الإسلام)، في فترة لم تتجاوز ال (80 سنة) من الآن، وبحكم الشرع الإسلامي فإن أي إيزيدي سواء كان رجلا أم امرأة دخل في الإسلام، فإنه يصبح مسلماً وبأثر رجعي ولا يمكنه الدخول في الإيزيدية ثانيةً لأنه يصبح مرتداً في هذه الحالة وحكمه معروف وهو القتل. وهكذا الحال مع بقية الأمثلة ( أي أنهم تحولوا إلى أكراد في نفس منطقتهم ويتحدثون بنفس لغتهم)، ولكنهم يطالبون بقية الإيزيدية الباقين على دينهم لحد الآن باعتناق دين الحق لأنهم يتكلمون اللغة الكردية ولا فرق بين كردي وآخر ما دامت اللغة واحدة. فهل حقق هذا التغيير في مثل هذه الثقافة الهدف المرجو أم أنهم تركوا دينهم وأصبحوا مسلمين وهم الآن يطالبون الآخرين في الانضمام إليهم؟ أي، هل كانت النتيجة لصالح المجتمع الإيزيدي عندما حصل هذا النوع من التخالط؟ وإذا كانت النتيجة هي هكذا، فلماذا أقتدي بمن هو على الخطأ؟ أليس حرياً بنا أن نقتدي بالأفضل؟ فلو تتبعنا ما جرت من أحداث خلال الفترة الأخيرة وبالذات منذ 15/شباط/2007 ولغاية الدعوة إلى عقد هذا المؤتمر نرى بأنه، لا يمكن فصل تلك الأحداث عن مخطط على درجة عالية من التخطيط بحيث يحقق ما مرجو منه وعلى حسب مراحل مرسومة بدقة مستغلين الوضع السياسي في البلد. لقد كتبنا رأينا بما حصل في الشيخان في حينه وكيف أن القيادة الكردية لم تتخذ الموقف بما يتناسب وحجم المشكلة من محاسبة المقصرين فيها. ولا يمكن القبول بأن الذي جرى في حادث قتل دعاء في بعشيقة بعيد عن السيطرة بحيث يحدث في 7 / نيسان (ميلاد حزب البعث)، أو حرق المقرات الحزبية في سنجار يوم 28 / نيسان (ميلاد صدام حسين)، بعد طرد العمال من كردستان، أو قتل العمال الإيزيديين قبل يوم واحد من اللقاء الموعود في الموصل مع هيئة علماء المسلمين لدحض الأمر وقول الحقيقة وبيانها على الملأ من خلال أئمة الجوامع. كما ولا يمكنني تصور هذه الدعوة لعقد هذا المؤتمر من أن يكون من غير توجيه سياسي بهدف تدمير كل ما هو أصيل في هذا الدين تحت مسميات الإصلاح والتطور. فالنظام الطبقي إذن أثبت جدارته في الإبقاء على أصالة الشعب الإيزيدي منذ أكثر من 800 عام، ولكن لكل رأيه في اعتناق ما يحلو له وهذا متروك لمن يراه سليماً بحقه، والذي يرغب في اعتناق الإسلام أو أي دين آخر فله كل الحرية ونبارك له هذا الإنجاز. ولكن ليس له الحق في المطالبة بتغيير الدين تحت حجج التطور والإصلاح. أما بيان الرأي في عمل تشكيل جديد يتماشى مع العصر من حيث تعيين ناس أكفاء في المواقع القيادية والدينية الرفيعة التي لها الاحتكاك المباشر مع الجهات العالمية، فإنه لكل منا الحق في طرحها ومن ثم بلورتها بحيث يكون لنا من ممثلين أكفاء في المحافل الرسمية وكنا من أشد المطالبين بها مباشرة مع سمو الأمير وكانت تصل فيما بيننا أحياناً حد السيف في التعامل، ولم ندخر جهداً لقول الحق في وجه كائن من يكون لصالح التغيير الايجابي وأعني به اختيار الأكفاء في المناسب القيادية. وأرى بأنه بدلاً من هذا المؤتمر، لو كان الطلب من الدولة العراقية أو القيادة الكردية بأن يتم استثمار جزء من حصة الإيزيدية من ميزانية الأوقاف لعقد جلسات وندوات بهدف النقاش ووضع المقترحات والحلول للمشاكل الهائلة التي يعاني منها الإيزيديين وبمشاركة من تلك الجهات في النواحي الخاصة بالأحوال الشخصية وتطوير وتحديث العلاقات التي تحكم القواعد والأعراف، وحقوق المراة وتطوير مفهوم حقوق الإنسان، والضمانات الدستورية وقانون الأحوال الشخصية ومعالجة وضع المجتمع من البطالة وتحديث التعليم وبناء المعاهد والجامعات (ففي مجمع الجزيرة هنالك أكثر من 400 طالب قد أنهموا الدراسة الابتدائية منذ ثلاث أو أربع سنوات، ولكن ليس فيه ثانوية)، وتطوير النواحي الصحية التي بدت من المشاكل الكبيرة التي يعاني منها المجتمع. لكان أفضل عشرات المرات من هذه الدعوة التي ستسب انشقاقاً في المجتمع على طوله وعرضه من دون تحقيق نتيجة واقعية. وبالتأكيد هناك الالآف من المشجعين للفكرة لكونهم يعانون من نفس المشكلة ولكن ليس من حقهم فرض رأيهم على قواعد وسلوك الديانة الإيزيدية بأي شكل من الأشكال ومن ثم إجراء استفتاء بهذا الشأن من قبل مجموعات لم تأخذ الشرعية من جهة مصدرية. وباختصار، فإننا نرى بان هذه الدعوة هي ليست في محلها وقد تقود إلى الانشقاق أكثر منه إلى التوحد وهي دعوة صريحة لطعن الدين تحت مسميات سياسية وبتوجيه وتمويل مخططين، وهو بداية لمشروع أنس محمد الدوسكي، الذي رسم هذا السيناريو في كتابه " أتباع الشيخ عدي...........".وفي الأخير نقول لمناصري هذه الآراء، كنا نعلق إضافة موضوع جديد قبل هذا الوقت عظيم الآمال ولكن بكل أسف نقول بأنكم خيبتم فينا تلك الآمال بهذه الدعوة التي جئتم بها في غير محلها. إنكم لستم في الموقع الذي يؤهلكم لهذا الأمر لأنكم لستم مرجعية دينية أو ممثلين عن المجتمع الإيزيدي. وليس من حقكم المساس بدماء الأبطال الذين صدوا بصدورهم غدر أمراء الشر وبفتاوى معروفة. كما ونقول بأن المجتمع الإيزيدي بحاجة إلى تثقيف إيجابي وليس هدم في بنيانه وأن هذا المشروع قد يكون ثمنه أغلى مما تتصورون. أملنا كبير في أن تعوا مخاطر هذا الأمر وأن تركزوا على معاناة شعبكم حيث أنكم من المفروض أن تقفوا على أبواب المنظمات الإنسانية في أوربا لترسلوا بعض الدواء أو معالجة بعض ذوي العاهات المستعصية لبني جلدتكم بدلاً من مناشدة هذه الدعوة لهدم البنيان والكيان الإيزيدي. فهنالك المئات من المصابين بالفتحة الرباعية في القلب وليس من مجيب لمرضهم وهم بحاجة إلى تداخل جراحي خارج القطر في الوقت الذي لا يملكون ثمن تنظيم جواز السفر وحده. كم من امرأة ماتت خلال هذه السنة بحالة الولادة بسبب عدم وجود خدمات طبية في الوقت الذي تنعم سنجار بالاستقرار حاله حال دهوك واربيل والسليمانية. كلمة نقولها، انظروا ما حل بأهل عفرين خلال أقل من قرن من الزمان بسبب الانحلال الطبقي، مع شديد احترامي لهم ولاختياراتهم في الحياة. وأقل ما أود قوله في هذا الرأي، هو أن دعاة هذه الفكرة يريدون إنهاء الإيزيدية كديانة والإبقاء على الجانب القومي الكردي فقط، وهو في نظرهم كاف للإبقاء على الدين الإيزيدي مع علمهم بعكس ذلك. لذلك نقول بكل وضوح وشفافية بأننا سوف نعمل على التثقيف بعكس ما جاء في هذه الدعوة. وكذلك، و ليكون معلوماً بأنه ليس المجتمع الإيزيدي في سنجار وحده يرفض هذا السلوك، وإنما المجتمع بطوله وعرضه يرفض وبكل قوة مثل هذه الأفكار عدا بعض الذين يعانون من نفس المعاناة. ومن الله التوفيق.

علي سيدو رشو/ رئيس رابطة المثقفين الإيزيديين ناشط في مجال حقوق الإنسان

0 التعليقات: