اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو




بداية (الامل) المشكلة:
قبل فترة كتبنا عن بؤس الايزيديين بعد أحداث 3/8/2014 ما بين داعش والبيشمركة(1) وما جرى من صفقات في الاستثمار السياسي بينهما على حساب معانات الايزيديين من القتل والسبي والتهجير والموت والبيع والشراء والخيانة وما إلى ذلك من مواقف، حيث بانت العديد من الإتجاهات في الوقت الذي لايزال المزيد منها غير مرئي لحد الان، وهي في طريقها إلى الوضوح. فالمشكلة إذن ليست بسيطة كما يبدو، ولم تمر هذه المرة مرور الكرام، بل ستطول لفترة غير معروفة العواقب. فيجب عدم التسرّع، منذ الان، في الحكم على ما سيحصل لكون أن القضية قد جاءت بتخطيط وبرنامج مدروسَين لتغيير مستقبل الشرق الاوسط بما يتلاءم مع المصالح العليا للمخططين. إن تحشيد امكانيات داعش بهذا الحجم بحيث تحصل على التمويل الذاتي مجاناً بهذه الطريقة التي تستنزف امكانيات بلدان بعينها. الاستحواذ على مواردها المودعة في البنوك وأسلحة ومعدات جيوشها. تجنيد شعوبها واخضاعهم لسيطرتها بحيث تربك المجتمع بهذه الشاكلة وكأن الأمر طبيعي. في الوقت الذي تغض ذات الدول الكبرى الطرف عنه، لا يمكن قبوله على علاته بهذا الشكل. لذلك فهنالك جملة أسئلة تطرح بنفسها بين هذا الكم من المشاكل التي تحصل بشكل يومي في دول الشرق مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، لكن بالمقابل هناك أمن وأمان واستقرار في كل من السعودية والخليج وهي دول تقع في وسط هذا اللهيب. أليس حري بنا في أن نقول لماذا هكذا اختيار دون غيره؟ هل يوجد في دول الخليج وجود حقيقي للبرلمانات واحترام لحقوق الانسان بما يتعلق الأمر بحقوق المرأة والطفل والاقليات الدينية والعرقية وتشكيل المنظمات المدنية أكثر من غيرها لتدّمر الدول الكبرى هذه الدولة دون تلك بحجة حماية حقوق الانسان؟ هل حقوق الاقليات الدينية والعرقية مصانة في الدول التي هي الان خارج دائرة العنف في الشرق الاوسط؟ فالتخطيط إذن هو ليس على أساس الوهم كما يبدو لنا كعامة الناس، وإنما هو استهداف محور أساسي تم أختياره بعناية، وقد مرت مراحل التنفيذ باختبارات عديدة غاية في الدقة لحين أن وصل حدا للتنفيذ.  
وحشية داعش وتنفيذ مراحل المخطط:
  على اية حال، فإنه يجب علينا أن نركز على كيفية معالجة جرحنا الذي نزف قيحاً ولا يزال ينزف بقوة مقارنة مع ماحصل لجميع جيراننا ممن هم في العراق أو ممن هم في دول الجوار، وحتى ممن هم في قرى وقصبات سنجار من الجيران الكرد. فحصل هناك قتل وتشريد وتهجير وفتك ولكن لم يصل بهم الحال لسبي النساء وبيعهن في سوق النخاسة أو توزيع نسائهم على مقاتليهم بهذه الطريقة المهينة إلا مع الايزيديين، مستهينين بقيم الانسانية، مستهترين بقيم حقوق الانسان، فارضين بأنفسهم وكلاء الله على الأرض. هذه الإشارة تبدو واضحة على أننا مختلفين عنهم في كل شيء وإلا فلماذا نختلف عن جيراننا فقط في التفنن بالفتك والتدمير ليصل بهم الحال إلى قلع جذورنا من الأرض أمام الرأي العام العالمي بوجود الآف المنظمات الدولية التي تعني بحقوق الطفل والمرأة والاقليات على مدى شهرين من السكوت العالمي المخزي؟ لكن علينا أن نفكر أيضاً، أليس في السكوت العالمي قبل أن يتحرك ضميره الميت إلا حينما وصلت داعش للخطوط الحمر التي فيها إشارة إلى أن المخطط بدأ يدخل في مراحله المتقدمة لحين أن وصلت وحشية داعش نطاقاً يجب معه القيام بخطوة لتأديبه ومن ثم إبعاد الشبهة عن مغزى المخطط بشكل علني ليبدأ الضمير الأمريكي يصحو على صرخة النائب فيان دخيل؟!!!!!. لماذا التركيز على هذا الشريط الذي الذي يربط إبتداءاً بين كركوك والمناطق النفطية في شمال العراق عِبر تلعفر وسنجار بالبحر المتوسط؟ لماذا حصلت التفجيرات منذ سبعينات القرن الماضي ولحد الان بعشرات المرات في انابيب النفط الذي تمر عبر تركيا ولم يحصل تفجير واحد في الخط الممتد ما بين كركوك وميناء حيفا؟ هل لانه متوقف عن الضخ من خلاله(2)؟ فالمنطقة المستهدفة بالمخطط هي منطقة سكنى الحلقات الضعف من بين شعوبها وبخاصة الاقليات (الايزيديين والمسيحيين والشبك، ونتف من العشائر العربية المهمشة حتى من العرب، ولا يستبعد مشاركة قبائل شمر ربيعة بعلم مسبق في هذا المخطط)، لكي تعبث بها داعش ومن ثم تتدخل الدول الكبرى لاحقا بحجة حماية حقوق الاقليات تحت بند (إنساني)؟ الم تكن تعيش تلك الاقليات بأمان قبل هذا الوقت لتأتي الدول الكبرى بهذا المشروع الجهنمي لتهجيرهم ومن ثم (حمايتهم) بحجة أنهم حماة لحقوق الانسان؟ هل فعل داعش ذلك بمعزل عنهم وبعيدا عن أعينهم؟ فالموضوع واضح بالنسبة للقاصي والداني ولم يعد يحتاج الواقع لفتّاح فال لكي يفكك ويحلل رموز والغاز المشروع(3).
أصل المشكلة!!!
على ذلك، فإن الغرب هم مَن يخلقون المشكلة وكأنها الحقيقة، وفي الوقت ذاته يضعون الحلول بجانبها وبموازاتها، ولكن الهدف المعلن هو تغيير الانظار عن الحقيقة. فماذا يعني تفجير النبي يونس وبعض التماثيل والكنائس من الخطوة الاولى لدخولهم الموصل؟ وماذا يعني تفجير مقام السيدة زينب ثم بعض المزارات الايزيدية من اللحظة الاولى لدخولهم سنجار سوى ذر الرماد في العيون وابعاد الشبهات عن حقيقة ما هم من أجله قادمين؟ وكيف يمكن تفسير ردة فعلهم لبعض القرى الايزيدية التي قاومتهم سوى إظهار وحشيتهم وتفننهم في الجريمة بحيث وصلت حداً بقطع الرؤوس وقتل الشيوخ من غير القادرين على الهرب ومن ثم تفخيخهم وتفجير المزارات والاماكن المقدسة بجثثهم الملغومة؟ لذلك نقول لأهلنا بوضوح بأن مثل هكذا تنظيم وبهذا الوضوح في الاهداف التخريبية بحيث يعبثوا نهارا جهارا بمستقبل وحياة الناس الابرياء ليس الا جزءاً من مخطط عالمي بحيث يتم تحريك داعش تحت حمايته وبدعم لوجستي عالي التخطيط، ولكن يجري العمل تحت اشراف مشرفين يحركونهم عن بٌعد حسبما تقتضيه ظروف ومراحل المخطط. وأن ما يجري الان من عمليات كر وفر بين داعش والمقاتلين الايزيديين في سنجار وبقية مناطق تواجدهم في محافظة نينوى لهو من صنع اقليمي لقطع الطريق الوحيد الذي يٌمَد منه المقاومة في سنجار بما تحتاجه من المقاتلين والتموين عبر شمال غرب العراق وشمال شرق سوريا لكي يتم خنق تلك المقاومة في الجبل وبالتالي يجب أن يلجأوا مضطرين الى الأحزاب الكردية بفتح ممراً آمنا عِبر ربيعة وظهورهم بالمنقذ والمخلّص للإيزيديين في خطوة متعددة الفائدة أولاً: لكسب الوضع في سنجار وتبييض صفحة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وثانيا: لإبعاد مقاتلي اليبكا عن الساحة في سنجار، وثالثاً: لقتل روح المقاومة الايزيدية على جبل سنجار وكسر هيبتهم والعودة بهم الى ايام الاستعباد، ورابعاً: حماية الممرات الجديدة في نقل النفط والماء عبر البحر المتوسط.
مراحل المخطط:
وبهذا فإننا ننصح أهلنا في سنجار وتلعفر والشيخان وقرى الشبك والمسيحية والايزيدية الاخرى في سهل نينوى أن يعوا الحقيقة ويعرفوا بأن البقاء خارج مناطق سكناهم وبخاصة "سنجار" سيطول إلى اجل معين بحيث يحصل التفكك الاجتماعي الذي لازال باقياً كخيوط للعلاقات الاجتماعية، ومن ثم تصل بهم الحاجة للتوصل بالقيادات الكردية للتوسط لخلاصهم وبالتالي ظهورهم كمنقذين وليس كمن مارس الخيانة بحق هذه المكونات. فالمخطط سوف يستمر لحين ان يصل بهم اليأس لبيع ممتلكاتهم وقراهم وأراضيهم ومساكنهم، أو قبض ثمن التعويض عن ممتلكاتهم وكأن الأمر حصل عن قناعة. فبذلك يكون الهدف قد حقق نسبة عالية من خطواته لأنه صائر في هذا المنحى وهو واضح وضوح الشمس. فلقد أكدت جهات على علاقة وثيقة برأس الهرم الداعشي في الموصل بأنه يتم الآن حرق واتلاف ومصادرة للوثائق التي تثبت حقوق المالكين في الاراضي والممتلكات والعقارات في دوائر العقار والطابو والنفوس والبلدييات في الموصل وبقية الوحدات الادارية التابعة لها لكي تنهي بذلك حقوق ملكيتهم، وعليه نتوخى من الجميع الاحتفاظ بما لديهم من الوثائق التي تثبت حقوق ملكيتهم في تلك الاملاك والعقارات. فالظاهر في المخطط هو إدعاء داعش بانهم ضد البدع وبعض الرموز التي لها علاقة بما هو غير اصيل في التراث الاسلامي، ولكن الباطن هو تدمير كل ما يتعلق بملكيات وحقوق المواطنين بهدف تغيير كل شيء لصالح المخطط الجديد. فكلنا رأينا كيف أن أمريكا أنهت معاناة الكويتيين بعد احتلاله 1991 خلال شهورـ ولكن استمرت معاناة العراقيين على مدار 24 عاما ولا يزال. فهل هنالك أدلة أكثر وضوحاً من هذه العلامات؟ نعم هنالك امثلة أكثر قيمة واهمية لما ذكِر ألا وهو ما يحصل الان من تحضيرات لإقامة الدولة الكردية في العراق وسوريا، وهو مبعث سرورنا لو لم تكن بهكذا سيناريوهات. ما سيحصل مستقبلاً في سوريا باسقاط النظام بعد أن ينهوا جميع مظاهر وقيَم حيّة باقية في الشعب السوري. إنهاء مقاومة تركمان العراق وبقية فئات الشعب العراقي حول مستقبل كركوك. إضعاف روح المقاومة في حزب الله اللبناني. التعامل مع الملف النووي الايراني. مسالة حزب العمال الكردستاني وموقف المجتمع الدولي من صفته الارهابية. جميع هذه الامثلة وغيرها ذات علاقة وثيقة بتحقيق المخطط الجهنمي الذي يستهدف الجميع لتحقيق حلم مدفون منذ ثمانية عقود وحان الوقت الآن لجني ثماره. 
ماذا يجب على الايزيديين عمله الان:
وسط هذا الغليان الهاديء عالمياً والهائج عراقياً وأقليمياً، فإن الايزيديين الان بحاجة ماسة الى الاستماع الى صوت العقل والحكمة في بلورة فكر سياسي واعي بظهير مدني قوي على مستوى العالم بحيث يدعم التشكيل السياسي بما يحتاجه لوجستياً ومادياً لأنهم أصبحوا جزءاً من اللعبة الدولية. وعليه فإنني إذ أرى:
أولاً: على الشعب الايزيدي أن يكون واعياً بمستوى الحدث وأن لا يتعامل معه على أساس أن مجموعة من البيشمركة الكردية قد هربت وخانت الامانة بقدر ما أن المخطط كان يستدعي ذلك والادلة لا تحصى، والكرد ليسوا إلا حلقة في ذلك المخطط. وأن الرد على هذا يتطلب القيام بعمل سياسي واعي تشرف عليه مجموعات من الشباب المدرك والمؤمن بالقضية الايزيدية على انها قضية هوية وأمن قومي وتاريخ وجغرافية وحضارة وشعب، وليس قضية مجموعات نازحة تعيش تحت الاشجار وعلينا أن لا نضيع الوقت بالتباكي على النساء المختطفات (رغماً عنا، وهم همّنا الاول والاخير)، في الوقت الذي كان ولا يزال بامكان الامريكان والكرد انقاذهم بكل سهولة قبل توزيعهم على البيوت والاماكن ليصعب التعامل معهم لاحقاً. كما أنه كان بالامكان إنقاذ قرية كوجو في غضون ساعات ولكن لم تحرك اية جهة منفذة اية استجابة لندائهم على مدى اسبوعين من الاستغاثة. فالعمل السياسي بتاسيس كيان واعي أصبح أكثر من ضروري لأنه المنقذ الوحيد لحالة التشرذم المقيت. وإني إذ أهيب بالفصائل الإيزيدية (حركة شباب ايزيديخان، الحركة الايزيدية من اجل الاصلاح والتقدم، وحزب ايزيدخان وغيرهم من التشكيلات السياسية)، على الجلوس والاستماع الى آراء بعضهم البعض على أمل الوصول إلى رأي مشترك يحقق المشتركات فيما بينهم وترك الخلافات جانباً وتأسيس كيان مقبول من الجميع على أن يبدأ العمل به من على سفح جبل سنجار، فالعمل يجب ان يكون ميدانياً (يبدأ من سنجار تحديداً)، بظهر مسنود سياسياً ومدنياً. ومن اجل ذلك ارى بأن بات من الضروري عقد مؤتمراً عاجلاً لهذا الغرض مع تهذيب بعض فقرات النظام الداخلي للحركة الايزيدية من أجل الاصلاح والتقدم، وفصل أمين فرحان عنه نهائياً وإعلانه باسم جديد واعتبار ممثل الحركة في البرلمان ممثلا عنها وهو لا يحتاج موافقات رسمية لانه في الاساس داخل في العملية السياسية.  
ثانياً: العمل على إنشاء جهد مدني كبير تشارك فيه قوى الشباب الايزيدي على مستوى العالم كما هو الحال مع "ايزيديون عبر العالم"، كظهير يساند الجهد السياسي ودعمه حيثما احتاج مساندة في الجوانب اللوجستية والمادية والمدنية. إنني هنا أشدد على مشاركة العنصر النسوي بفعالية في هذين الاتجاهين لأهمية ذلك في العصر الراهن وكذلك لتهذيب القرار الذكوري لصالح التمدن والتحضر والتفكير بمستقبل الاجيال.
ثالثاً: دعم المقاومة المسلحة في جبل سنجار بجميع الوسائل الممكنة؛ المادية منها واللوجستية إضافةً إلى إشراكهم (المقاومة المسلحة) في الكيان السياسي الجديد بفاعلية بعد الاتفاق على الاهداف المشتركة فيما بين الجهات الداخلة في العملية، لكي ينقلوا الواقع على الأرض وربطه بما هو سياسي وبذلك سيكتمل وضع ايزيدي له مقوماته الحضارية والحركية، وفي نفس الوقت سيوفر الفرصة لجميع الايزيديين بالمشاركة، بحيث أن الذي لا يشارك في السياسة له الامكانية في المشاركة بالعمل المدني او الجهد اللوجستي او الدعم المادي واقصد من هذا بان نوفر الفرصة للجميع بحيث لا يلومنا أحد بانه ليست لديه فرصة للمشاركة في الجهد الجديد.
رابعاً: دعم الجانب الاعلامي الذي أصبح من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنه في الوقت الحالي لآن الإعلام أصبح الرئة التي تتنفس منها الشعوب والمجتمعات والتنظيمات السياسية بإظهار سياساتها وثقافاتها وتوجهاتها، وكذلك التعرف على أهم وأكثر الحلقات التي تربط حياة الشعوب بما يخدم مصالحها العامة والخاصة. فالإعلام هو رسالة سامية إذا ما تم توجيهه بحيث يخدم قضية شعب مضطهد قد تعرض إلى ابشع صنوف الارهاب والتدمير في بنيته الاساسية في أمنه القومي وهويته من النواحي الاجتماعية والفكرية والاخلاقية والسياسية، وإننا إذ ندعوكم لمساندة "فضائية جارسم تي في" ماديا ومعنوياً حيث أنها ستكون في خدمة القضية الايزيدية لإظهار حقيقتهم وما تعرضوا له خلال مسيرتهم المأساوية.      
علي سيدو رشو
المانيا في 29/9/2014
(1): http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?91680
(2): تم تشييد انبوب النفط  ما بين كركوك وحيفا عام 1932 بطول 942 كم وقطر 305 ملم، وتوقف العمل به عام 1948 على اثر قيام دولة اسرائيل.
(3): https://www.facebook.com/video.php?v=803768422980072&set=vb.100000407654961&type=2&theater

0 التعليقات: