اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو




في كلمتين من العيار الثقيل للسيد مسعود البرزاني وخلال اسبوع واحد لم يكن أمراً عاديا في هذا الظرف الحساس كرديا واقليمياً ودولياً. الأول منهما بتاريخ 8/4/2015، كان يتعلق بظرف اعتقال السيد حيدر ششو القائد الميداني لقوة مقاومة شنكال واصفاً أياه -للأسف- بالخطر على الامن القومي الكردستاني واتصاله بجهات لم يسمها. والثاني في 16/4/2015 كان رداً على رسالة السيدة هيرو خان عقيلة مام جلال والرئيسة التنفيذية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني- الحزب الحليف للحزب الديمقراطي الكردستاني متهماً فيها بعض المكونات والجهات التي تعيش في كردستان بخيانة الشعب الكردي واللاوطنية. وبقراءة بسيطة لفحوى هاتين الرسالتين: فإن كان السيد البرزاني لم يكن على علم بتلك الجهات قبل هذا الانذار، فإن ذلك يعتبر حدثاً كبيراً  كان يغلي في عمق السياسة الكردية وهو من الخطورة ما لا يمكن القفز عليه. وإن كان مجرد لجس نبض خصومه السياسيين فيبدو بان موضوع الايزيديين الان بدأ يلقي بظله الثقيل على مستوى الحدث في كردستان؛ ليس فقط كحالة طارئة على الوضع الأمني والسياسي والعسكري، وليس كما يدعي البعض بانه رد فعل لموضوع الحشد الشعبي وانما كان رداً للإنزعاج الذي تبديه القيادة الكردية على ضوء النهوض الايزيدي الناتج عن أخطاء متعمدة وخطيرة أقترفها الحزب الديمقراطي الكردستاني بحق الايزيديين مما أدى إلى زيادة وتيرة مطالبهم من المجتمع الدولي وشعورهم بالخطر الذي لم يعد لهم تحمّله بسبب هول الكارثة التي تسببت في تشريدهم وقتلهم ومحو جذورهم بكل ما في ذلك من قٌبح وتنكيل لاحاجة للتكرار. هذه الاخطاء التي جلبت الكوارث تلو بعضها البعض يجب أن تقف عند حدها، لا بل المطالبة القوية الآن للمحاسبة العلنية وتكثيف العمل بتثقيف الشعب الايزيدي على مغادرة الخوف والمصالح الشخصية جانباً لكون أصبح للموضوع منحاً آخراً يجب التعامل معه بجدية أكثر.
في مقال لي بتاريخ 30/3/2008 وتحت عنوان "حتى الحرباء لم تتلون بقدر اسماء الايزيدية"، حول تصريحات كل من السيد خسروا كوران (المسئول السابق للحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة نينوى) والسيد عبدالله حميدي العجيل (أحد شيوخ قبيلة شمر في ربيعة)، أثناء مقابلة صحيفة كريستيان ساينس مونيتر الامريكية لهما، كان يبدو من سياق تصّرف السيدين حول مستقبل سنجار، وكأن سنجار عبارة عن ضيعة خاصة بهما وهما يتفاوضان على تحديد سعرها دون أعتبار وفي غياب تام لأي مسئول ايزيدي أو حتى التشاور مع البعض منهم في أمر خطير كهذا يهم مستقبل منطقتهم. وبعد فترة من ذلك كتبت مقالاً أخراً عن الدور الدولي والاقليمي الذي سيلعبه الايزيديين فيما يخص مستقبل المنطقة لمسألتين مهمتين ألا وهما: كون الايزيديين كأقلية دينية تعيش في هذا الوسط الاسلامي منذ الاف السنين وتعرضت إلى ما تعرضت له عبر تاريخها الاسود وبالتالي فهم يعتبرون من أفضل المواد للتلاعب بورقتهم في وقت المِحَن كما هو حال الاحداث منذ 2003 ولحد 3/8/2014. والجانب الثاني الأكثر أهميةً هو جيوسياسية جغرافيتهم لما تتمتع به من استراتيجية بحيث في حالة انضمامها إلى كردستان –سواء برضا الايزيديين أو رغماً عنهم- فإنهم سيضيفون مناطق جغرافية مهمة كمنطقة ربيعة العربية واحتمال تلعفر التركمانية إلى جغرافية كردستان لأن جغرافيتهم تقع ضمن نفس الاستراتيجية، إضافةً إلى الساحل الشرقي من محافظة نينوى وقد ذكرت اهمية ذلك (الجغرافية والاقتصادية والبشرية والمعدنية والسياسية) في عدة مقالات منشورة على صفحات المواقع الالكترونية منذ اكثر من عشر سنوات وبخاصة في مسألة الأمن القومي الإيزيدي وقلت فيما نصّه: "أهمس في أذن القيادة الكردية بأن لا تهمل اللعب بورقة الايزيديين في المستقبل كما تم التعامل معهم في موضوعة احتلال العراق". ويضاف إلى ذلك عامل القوة البشرية التي تتمتع بها الايزيدية في مناطقهم، حيث بالرغم من كونهم اقلية دينية في العراق ولكنهم يتمتعون بالاكثرية الساحقة في مناطقهم وخاصة في شنكال التي كانت تدار بشكل تام من قبل الأقلية المسلمة فيها.
إذن فإن التحرك الذي أبداه السيد حيدر ششو في تشكيله لقوة حماية شنكال على ملاك الحشد الشعبي وارتباط ذلك الحشد بالمركز كشف عن الكثير من الحقائق التي كانت غائبة عن غالبية العامة من الشعب الايزيدي والرأي العام الكردي. حيث فضح الموقف الرسمي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي ذات الوقت عزز من موقع الايزيديين بفتح باباً للخروج من المأزق الذي فرضته القيادة الكردية، ومن ثم بروزهم كقوة خارج سيطرة القوات الكردية التي إذا ما حررت شنكال فإن ذلك سيشكل الضربة الاقوى في تاريخ الحزب الديمقراطي السياسي والعسكري. من الجانب الاخر فإن الشعارات التي رٌفِعَت في المظاهرات داخل وخارج الوطن أرسلت باشارات خطيرة كرديا منها "ايزيدخان، وقوة مقاومة الايزيديين، والادارة الذاتية في شنكال تحت الحماية الدولية"، مما يوحي لهم بأن الايزيديين سائرين الى الانفصال عنهم. هذا بالاضافة إلى علم قوة مقاومة شنكال التي حملها ورفعها الايزيديون في جميع انحاء العالم والتي اصبحت امرا واقعاً خرج عن سيطرة السيد حيدر ششو نفسه، ولم يعد الأمر مقتصراً عليه في تحديد غايات ورغبات الذين اكتوت قلوبهم بنار القتل والاغتصاب والتشرد. على الجانب المقابل فإن ظهور قوة ايزيدية خالصة مدعومة من حزب الاتحاد الوطني ومرتبطة بالمركز مقابل قوة البارتي على الأرض سيضعف من دورها الذي تعودّت على أدائه منذ 2003، بسبب الطلاق الذي ابداه الرأي العام الايزيدي لقوات البيشمركة بعد الثالث من اب/2014. وفي عين الوقت بروز نشاط حزب العمال الكردستاني بكثافة ودراية ومنهجية في شنكال واوربا.
فالرسالة التي بعثت بها السيدة هيرو خان كشفت الستار عن الكثير الذي كان على الايزيديين وكذلك حزب الاتحاد الوطني معرفته منذ زمن، وخاصة ما ترشح عن ردة الفعل المتشنجة والواضحة في جواب السيد البرزاني الجوابية لرسالتها التي اضطرته بأن يخرج بهذا الرد القاسي الخارج عن العرف الدبلوماسي المعتاد في مثل هكذا مناسبات. والدليل الذي قصم ظهر حقيقة حزب البرزاني هو تصريح قائد البيشمركة في شنكال قبل أيام على فضائية روداو والتي أكد فيها بأن البيشمركة على أستعداد لتحرير كامل شنكال في غضون 24 ساعة إن جائتهم الاوامر من القيادة الكردية. وأن الذي عزز من هذا القول هو تصريح السيد قاسم ششو قبل يومين من على نفس القناة على أن الموقف في شنكال ليس كما هو الحال في كوباني وأنه بامكان القوات المتواجدة في شنكال تحريرها بعد ساعات من اصدار الاوامر اليهم. بمعنى أن تحرير شنكال هو مرتبط بقرار من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وليس كما يدّعي البعض بأن مسألة نوع الاسلحة وكميتها. لذلك فإن الضغط الذي ولدّته تلك الرسالة بالاضافة إلى الضغط الذي احدثته المظاهرات في أوربا حققت مطلبين مهمين: أولهما هو الرد السريع المتشنج للسيد البرزاني عليها وكشف العديد من الحقائق. والثاني هو توحيد الايزيديين ضمن سياق محدد، ومن ثم إطلاق سراح المقاتل حيدر ششو وتصفية موقفه ولو آنياً.
 المقابلة الاخيرة على فضائية روداو مع السيد هوشنك بروكا وضعت هي الاخرى الكثير من النقاط على الحروف ليوضح للراي العام الكردي والايزيدي عن الكثير الذي لم يسمعوه من قبل بشكل مباشر، وأن الهجوم الذي تعرض له الزميل هوشنك غير مبرر بالمطلق لأنه قال رايه فيما يعتقده فيما يخص موضوعة شنكال مثلما هو حق مكفول لنظيره المتحدث الثاني.  كما أن السيد قاسم ششو كان غير موفقاً في أتهامه للزميل هوشنك وهو أنزه من أن تكيل له مثل هذه الصغائر. في حين أن تصرفات القادة الامنيين مع المظاهرات التي أقامتها النازحين في المخيمات للتعبير عن التضامن مع مظاهرة بروكسل ومطالبة المجتمع الدولي باستحقاقات انسانية لشعب تعرض للمحو والابادة بكل اسف نقوله بانها لم تكن تصرفات حزب سياسي بقدر ما هي من منهج الدكتاتوريات التي تقمع النشطاء والصحفيين والمهاجرين الذين لم يبقَ خلفهم ما يخشوه ويتحسروا عليه بعد الأرض والعرض والمستقبل.
علي سيدو رشو
المانيا في 21/4/2015   

 

0 التعليقات: