اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو




في الخامس عشر من هذا الشهر/2013 ستحل علينا الذكرى السادسة ليوم الشؤم بالهجوم البربري من قبل همج العصر على مركز قضاء الشيخان التي انتهت بمحاسبة الضحية مع تكريم الجلاّد. ويومها حصل ما حصل من إعتداء على بيت الامارة والمراكز الثقافية وممتلكات الناس الشخصية بمسرحية مفبركة كما في سابقاتها وما لحق بها من مسرحيات عندما أقدم المرحوم حسو نرمو على الانتحار ليس حباً بالموت وهو في عز شبابه وترك عائلة من عشرة أشخاص، وإنما تخلصاً من العبء الثقيل الذي تركته الوظيفة المشئومة لكي لا يرى بأم عينه هذا التجاوز على ممتلكات الايزيديين وزيادة نسبة الغرباء بهدف تغيير ديموغرافية المنطقة. إن السيناريو نفسه قد إعيد إنتاجه من قبل كارتلات مافيا المال والنفوذ التي بدت تسيطر على مفاصل الحياة في كردستان رغماً عن أنف قادتهم للزحف بالاستيلاء على ممتلكات الايزيديين في الشيخان لتغيير ديموغرافيتها إلى الأبد. وأن هناك منهجية في هذا الاتجاه كما ورد واضحاً في الجزء الثالث من مقال السيد فلاح زيدو النظام. فكيف ل 600 عائلة تنزح من مكان لآخر والحكومة لا تعرف عن ذلك؟ وكيف لحكومة أن تسمح بهذا التغيير وتلوم غيرها على إجراء مماثل؟ فمبدأ العمل بالنتيجة هو نفسه، وما لحق بجهة من أذى سيكون له نفس الأثر السلبي على غيرها.  http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?53490
هنالك مقولة تقول "ما ضاع حق وراءه طلاّبة"، ولو كان الايزيديون من اليوم الأول قد وعوا حقيقة أمرهم ودافعوا بشكل صحيح عن معاناتهم، لما حصلت اليوم هذه الانتهاكات الصريحة في وضح النهار. فبعد الاحتلال عام 2003، بات كل من أحتاج لتزويج أبنه من العرب المحيط بمناطق الإيزيدية يلجأ إلى أختطاف شابا إيزيديا ويطلب منهم فدية مالية حسب حاجته لتلك الزيجة مع التحسّب لبعض المصاريف الإضافية غير المرئية، هذا إن لم يتم قتل الضحية بعد استلام المبلغ بهدف دفن حقيقة ماحصل، وأخيرا تعلم بعض الايزيديين نفس المهنة بعدما أحسوا بالأمان والاطمئنان. وكذلك كلما كبر شاب من جيران الإيزيدية من الكرد، فبالتأكيد سوف يحتاج إلى الزواج وأن أسهل طريقة يختارها هي محاولته لاستدراج شابة إيزيدية وإدخالها الاسلام بسلام ومن ثم يبنى لها دارا في محلة (الإيزيديين في قرية كلكجي) بتعاون جيرانه لكي يدخلوا هم ايضا تلك الجنة الموعودين بها. وسنقول بأنه وكما يقول غيرنا في مناسبات عديدة بأن زمن الدكتاتورية قد ولّى وبدون رجعة، ولكني كشخص لم أؤمن بعد بهذه المقولة فيما يخص الايزيديين وبقية الاقليات الدينية على الاقل، بل تحوّل الأمر إلى دكتاتورية قانونية وجماعية خطيرة. ولكني أعلم بأن  زمن التعدي سوف لن يمر بالسهولة التي يتوقعها الآخر كما في السابق إذا ما تجاهل المعتدي حقوقهم. فكما ساهم الآخر في بناء الوطن والدفاع عنه والذود عن تاريخه أو المساهمة في زيادة انتاجه الزراعي والتنموي، فإن للإيزيدي بصمة مشرّفة في جميع تلك المجالات ومناحي الحياة سواء في العراق أو في سورية أو في كردستان العراق أو أي مكان حطت عليه رجل الايزيدي. فإنهم تحملّوا من العذاب والقهر والتهجير والاعتداء على انسانيتهم بما يعجز عنه اللسان في الوصف، ومع ذلك يقول لعل المقابل يصحى ويكف عن هذا الاعتداء متيقنا ومؤمناً بما يملي عليه انسانيته وإيمانه بالله والجيرة والعيش المشترك.
إن التغاضي عن الحقيقة سيتحول إلى المصيدة التي بها ستصيد ناصبها وسينتصر الحق المدعوم بالقوة القانونية والمطالبة المستمرة، كما أن المعتدي سيدفع الثمن إذا ما تجاهل الصوت الحقيقي الذي لم يعد يتحمل الاعتداء الصارخ. فهي لم تتعامل مع الموضوع على أسس قانونية عندما نادت جميع الجهات الإيزيدية بكل إخلاص وموضوعية بالإفراج عن تلك الطفلة ومحاسبة الجاني حسب القوانين المرعية وإصدار ما يحافظ على كرامة الانسان من قوانين عصرية بما لا يخالف الشرع ولكنها في عين الوقت تحافظ على انسانية الانسان. ولذلك فمن حقنا الاستمرار بدون توقف في المطالبة بحقوقنا بشكل قانوني. فلا نريد من دولة/اقليم يكون الاسلام فيها هو دين الاغلبية أن يتخلوا عن قوانين شرعتها لهم دينهم، وهم أحرار في ذلك ولكن يجب أن لا يزحف هذا الحق لينتهك بواسطته حقوق الآخرين ويحرقوا غيرهم بنار قد يمتد وتنتشر آثاره بما لا يسر الصديق والعدو على حد السواء، وأن الذي أدخل الموضوع في صلب الدين هو قناة كي ان ان وليس الايزيديين. فالايزيدية ديانة قائمة بذاتها ولا تمتلك اية جهة سياسية كانت ام دينية أو قومية بإلغاء هذا الحق أو إغتصابه من ناس مؤمنون بالله على طريقتهم، كما انه لا يوجد دين على حق و دين آخر على باطل. فالأديان كلها جاءت بقوة لتهذيب البشرية وإنصاف المظلوم وإحقاق الحق وليس لاستخدامه كوسيلة للإعتداء على الغير. فلقد تم تجاهل نداء سمو الامير تحسين بك بإعادة الطفلة سيمون إلى ذويها ومحاسبة الجاني، ولم يقّدر الجانب الرسمي الكردي الاقلام الحرة ونداء المنظمات الانسانية والايزيدية المهتمة بحقوق الانسان على مدى شهر كامل، وهو ما أعلن عنه أخيرا بخبر مبرمج غير مؤكد وبشكل هزيل بنفس مقياس مسرحية قناة كي ان ان. وقد وضعت القيادة الكردية سمو الأمير في حرج كبير عندما أهملت نداؤه وأعلمت رئيس مركز لالش الثقافي (بالعثورعلى الطفلة) ولم تعلم سموه في أول الأمر.
في مدينة بيليفيلد الالمانية يعيش أكثر من 150 أثنية من مختلف أرجاء المعمورة، وكأسلوب متبع في نهاية كل سنة دعا محافظ المدينة السيد (بيت كلاوسن)، ممثلين عن معظم تلك الأثنيات ومن بينهم الايزيديين إلى أمسية لتناول العشاء والقى فيهم كلمة أثنى فيها على هذا الخليط البشري واعتبرهم مصدر قوة وتفعيل رفد التراث الألماني من عادات وتقاليد ليتفاعل مع التراث العالمي. ودعا الجميع إلى التعاون فيما بينهم ومع السلطات الرسمية لحماية حقوقهم، كما ناشد الجميع في الاحتفاظ بما يملكون من تراث ولكن في نفس الوقت طالبهم بالحفاظ على الامن واحترام القوانين الالمانية لانها في النتيجة ستصب في خدمتهم وتحافظ على وجودهم. وأثناء فترة العشاء على انغام موسيقى هادئة جال بين الحضور ليحيي كل مجموعة على انفراد ويستفسر منهم عن ما يجول بخاطرهم ومحاولة تخفيف همومهم فقال مازحاً: أنا مثلكم مهاجر لأني من غير هذه المقاطعة. فمنذ ثلاث سنوات لم أجد فرقا في التعامل حسب القانون الالماني فيما بيني وبين الالماني الذي ذاق الامرين في بلده بعد حربين عالميتين وأن الجميع سواسية امام القانون بدون تمييز مهما كان جهة او لون او دين أو جنسية المواطن، فالألمان يدفعون الضرائب ونحن نقبض من حكومتهم ونتعلم ونتعالج ونعيش مثلهم، بل في كثير من الاحيان افضل منهم لأن هنالك قوانين نستفيد منها أكثر مما هم يستفيدون. أليس سيادة القانون إذن هو الذي يعطي لكل ذي حق حقه؟ اليس هذا الضبط والتسامح ناتج عن تطبيق القانون على الجميع بنفس المقياس؟ إذن سوف لن يحصل ارباك او تقاطع أو انتهاك لحق أي إنسان مالم يخترق القانون. نتمنى أن يتعلم مسئولينا ولو بشكل بسيط من هذه النداءات والتوضيحات وأن الكتابات والمقالات الثقافية ليست فقط لعامة الناس بقدر ما هي رسالة للمسئولين لكي يعوا هم ايضا دورهم في قيادة المجتمعات.  
 علي سيدو رشو
المانيا في 9/2/2013

0 التعليقات: