اراء ومقالات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
اهلا وسهلا بكم في موقع الباحث علي سيدو رشو



منذ اللحظة التي انطلقت فيها السيدة النائب فيان دخيل بندائها في مجلس النواب العراقي اثر ما تعرضت له شنكال وباقي المناطق الايزيدية من تجاوز وإبادة، تفاعل على هدى ذلك العالم مع ندائها بشكل مثير وخاصة الرئيس الامريكي الذي اجاب على الفور ب: "أن أمريكا ستلبي نداء البرلمانية العراقية الايزيدية" واظبت السيدة دخيل تناظل منذ ذلك الوقت وما تزال تدأب والحق يقال بكل اخلاص على ايصال صوت ومعاناة الايزيديين وعبرالقنوات الدولية والاممية والاوروبية الرسمية منها والحقوقية ممثلة ببرلماناتها وحكوماتها ومنظماتها وسفاراتها ومؤسسات المجتمع المدني فيها. وهنا جدير بالقول أنه لاغرابة ان يرافق تلك المسيرة المعقدة التي خطتها او فرضت على السيدة دخيل دولياً ومحلياً وعربيا بعض الاخفاقات والمصالح والضغوطات السياسية، خاصة وأن السيدة دخيل برلمانية محسوبة على جهة سياسية بذاتها وبالتالي فمن البديهي أن يصب جزء من تلك الجهود المبذولة لصالح حزبها الذي وفر بالمقابل لها جميع تلك الامكانيات ومدها بالدعم الذي تحتاجه. لذا يتحتم علينا ونحن نتعاطى مع مواقف السيدة فيان وتصريحاتها وبياناتها الا نخرج  في تلحيلاتنا وتوصيفاتنا وتعقيباتنا على وضعها عن الموضوعية والإنصاف والواقعية، والا نتجاوز الظروف القاهرة المحيطة بها وبنا.
فالقاصي والداني صار يعرف بأن البيشمركة تركت ساحة القتال في  شنكال بقرار سياسي وإلا ..لو كان الامر غير ذلك؛ لماذا لا تهرب البيشمركة الان من مواجهة داعش؟ فيجب أن نعرف بأن الوضع في الشرق الاوسط كله عبارة عن مسرحية دولية، وأن الاقليات والاكثريات والمسئولين كلهم عبارة عن ممثلين فيها. وان لكل منهم دوراً مرسوماً إن لم يؤده، فإن مصيره سيكون الخروج من المولد بدون حمص وبالتالي فإن الجميع حريصون على أداء تلك الادوار المرسومة لهم جاهلين بمستقبلهم وبما قد تحمله الايام التي ربما تفاجئهم بنفس مصير صدام حسين ومبارك وصالح والقذافي ولكن بعد ان يأتي الوقت المناسب. وعليه، فإن السيدة فيان ليست بمنأى عن أداء دوراً من هذا القبيل ولكن لنقل بانصاف وضمير؛ مَن مِن الإيزيديين على طول مجتمعنا ووجوهه الثقافية والسياسية والعشائرية والطبقية والروحانية وعرضه فعل كالذي فعلته السيدة فيان؟ ومَن مِن السياسيين والبرلمانيين والمثقفين في التاريخ الايزيدي الحاضر والماضي جاهد او يجاهد كما تجاهد السيدة دخيل الآن كي تصل بقضية الايزيديين إلى ما وصلت اليه من هذا المستوى اللائق من التداول السياسي اليومي وعلى صدر كبريات الصحف وفي ارقى الاروقة والمنابر العالمية بحيث اصبح يتم بعد صرختها الاولى وتحركها بحث المسألة الايزيدية وكأنها" قضية رأي عام عالمية "  باعتبارها قضية جنائية دولية تحمل طابع ابادة جنس بشري ـ جينوسايد وتستحق بالتالي وعلى المستوى الدولي الإدانة والتجريم والعقاب؟ ولست اغيّب هنا جهود اخوتي الآخرين كما انني  لست في معرض الدفاع عن السيدة دخيل لأنها ليست في وضع لا يمكنها الدفاع عن نفسها، ولكن ليس من الأمانة أن لا نكون منصفين بحق المدافعين عن حقوق الايزيديين ونتهمهم في كل جزئية حصلت هنا أو حدثت هناك ضمن كلمة أو لقاء أو مقابلة. السيدة فيان دخيل ركزت على الكثير مما يجب قوله في كلمتها في شتراسبورغ وكان عليها ايضا أن تلبي بعض مطاليب حزبها السياسي أيضاً، وهو يعد أمراً طبيعياً في أعراف السياسة. أما لو كانت قد ركزت على مطالب حزبها في جل كلمتها ونست او تناست حقوق ومعاناة الايزيديين من القتل العام والاعتداءات الجماعية وبيع وشراء النساء وتفريق الاطفال عن عوائلهم واطلاق نداء الاستغاثة بإنقاذ 700 رجل ايزيدي من القتل في تلعفر خلال ساعات ان لم يتم حل دولي عاجل لهم  فإن الامر كان سيبدو وكانه غير طبيعي، لذلك أرى انه لا بد من ابداء مايلي :
أولاً:أن السيد هوشنك بروكا لم يكن موفقاً ولا منصفاً حين وصف النائب فيان دخيل بهذا الشكل الغير اللائق وبتلك الحدة والغى بجرة قلم كل ما قدمتها البرلمانية دخيل خصوصا حين وصفها بالممثلة على الايزيديين إذ ان ما قامت به النائب فيان دخيل من دور انساني مشرف قلما شهد الايزيديون مثيله على مر تاريخهم  من دفاع مستميت. ثم عدا عن انه كان حراكها من صلب واجباتها كممثلة ايزيدية في برلمان العراق فان جهودها وتحركها كانا يستدعيان الشكر والثناء وليس القدح ووصفها ب" ممثلة "على اهلها  كما أدعى السيد بروكا، خصوصا و أنها في مناسبات عديدة  كانت قد صرحت باشياء كثيرة على نحو يخالف  سياسة حزبها عبر مقابلات اولقاءات تلفزيونية عديدة. إنني إذ أرى بأن الهجوم بهذا الشكل على كل شخصية إيزيدية بارزة وذات مفعول ايجابي، والسيدة دخيل مثالا وفي وقت كهذا سواء بمناسبة أو بغيرها والنظر اليها من ثم بهذه السوداوية لا يخدم القضية الايزيدية، لا بل ارى انه اصبح يتوجب علينا أن نشجع أي قدر من المساهمة الايجابية وتغليبها على السلبيات ودعم موقف أي سياسي أو مسئول يقوم بجزء من واجبه بقدر المتاح حتى وإن لم يقم بكامل امكانياته بما يجب، دون ان نغفل عن  وضعه السياسي والظروف المحيطة به بنظر الاعتبار.
ثانياً: وفيما يتعلق  بالمجلس الروحاني وسمو الأمير تحسين بك وبشكل خاص في زيارتهم الأخيرة لأرمينيا: لقد تبين بشكل واضح بأن أية حركة أو تصّرف من المجلس الروحاني أومن سمو الامير تحسين بك لا يتماشى مع فكر السيد بروكا ولا يؤخذ برايه مسبقاً فيه يعتبره بأنه عمل غير متكامل ولا يصب في مصلحة الايزيديين، على الرغم من كل ما يحيط بالمنطقة من تدخلات وسياسات وتقاطع المصالح لدول المنطقة والعالم، خاصة وأن الايزيديين لعبوا دوراً مهماً ضمن المعادلة الدولية في منطقة الشرق الاوسط. لذلك أرى بأنه على السيد بروكا أن يعيد النظر في كتاباته وسياسته تجاه هذه المواقف لما لها من تأثير سلبي على مجمل الواقع الايزيدي بحيث أصبح المجلس الروحاني والامير لا يعرفون كيف يتصرفون ومتى يتحركون وفي اي اتجاه سيرضي السيد بروكا. كلنا ننتقد المجلس الروحاني وسمو الامير تحسين بك والبرلمانيين والسياسيين والقيادات السياسية وهو من حقنا، ولكن في المقابل من حقهم أن يسألوننا: ماذا قدمنا نحن لكي نبرئ انفسنا من كل شيء ونرمي بكامل المسئولية عليهم؟ هل قمنا باعداد مؤتمر واتفقنا على الحد الادنى مما يستوجب الاتفاق عليه لكي نلومهم على افعالهم؟ السنا في وضع يمكننا القيام عبره بفعاليات ما ؟ هل منعونا من العمل لكي نلومهم؟ لذلك لا أتفق مع هكذا تهجم سوداوي لا يخدم قضية الراي العام الايزيدي.
 ثالثا : أ ـ أما ماحصل في شتراسبورغ بإعداد الفتاة الايزيدية فكان أكثر من سخيف وعار بحق السياسة الكردية بهذا التلقين الوقح، بحيث لم تكن قادرة على قول كلمة الا وتتحسب الف مرة لما سيحصل لها وهي مرعوبة وخائفة أكثر مقارنة مع وجودها بيد داعش، في الوقت الذي كان يجب اعطائها كامل الحرية لتقول ما رأته بفطريتها الشنكالية وايصال حقيقة معاناتها إلى مسامع الحضور. فقد كررت كلمة "يعني" 30 مرة ولم تتحدث عن معاناتها ومعاناة صديقاتها واقاربها في الاسر من حيث الاعتداء والبيع والشراء والتنقل والفصل والتعامل اللاإنساني بقدر ما ركزت على ما تم تلقينه اياها بما يجب عليها أن تقوله. فلم تذكر كلمة واحدة تعبر عن ما تعرضن له في الاسر لكونها خائفة ومقروء عليها بالإكراه ما يجب قوله.
 ب ـ من جانب آخر فإن مجرد مرافقة سيدة كردية وهي أم لثلاثة شهداء من البيشمركة يعتبر بحد ذاته اهانة للسياسة الكردية واستخفاف بأسرى وشهداء الايزيدية عندما تساوت هذه الام الكردية "مع جل الاحترام لشهادة ابنائها"، مع الآف الامهات الايزيديات اللائي فقدن العشرات من عوائلهن وابنائهن وبناتهن واطفالهن. فالقيادة الكردية ارادت بهذا التصرف اشتراك وتنكب "الكرد المسلمين" كذلك في جينوسايد الايزيديين والتغطية  بذلك على جريمة هروب البيشمركة المنظم الذي تم  بقرار سياسي وعبر "تمثيلية محكمة " على الايزيديين بهذا التصرف المشين.
رابعا ـ الأمر المشين الاخر الاكثر غرابة من ذلك هو عندما قامت السلطات الكردية بتوزيع 1200 شتلة غابات وزراعتها بايدي النساء الايزيديات بين الخيم في مخيمات النزوح لتبقى "ذكراهم في أذهان الايزيديين"، كناية عن 1200 شهيد من البيشمركة في معركتهم ضد داعش. هنا كان الأولى بالقيادة الكردية أن تحترم شعور تلكم الامهات وأولئك الاباء والاسرى حيث لم تجف بعد دموع ودماء الابرياء بسبب تلك الهزيمة النكراء لقهرماناتها بدون قتال. وقد لاحظ الجميع من خلال فضائية روداو مدى الحزن الذي كان يساور تلك الامهات أثناء القيام بزرع تلك الشتلات بين الخيم في معسكراتهم وسقييها، في الوقت الذي هن كن بامس الحاجة للرعاية الاجتماعية والنفسية بدلا من التجريح المتعمد بدون ادنى اعتبار لشعورهم لما عانوه وذاقوا مرارة ماحدث.
خامسا ـ و أخيرا واضافة الى ماتقدم فلو اردنا ان نتحدث عن جميع الحالات بما لها وما عليها كما يجب، فانه يجب علينا أن نخوض  في ما ويحصل ليس فقط من الحزب الديمقراطي الكردستاني وسياسييه، وانما عن الحصار الذي فرضته قوات حماية الشعب على المقاتلين الايزيديين في جبل سنجار بعد اسبوعين من بداية سقوط شنكال على خلفية رفع علمها فوق مزار شرف الدين. وعلينا ايضا ان نذكر كيف استثمرت سياسة ال pkk مظاهرات الايزيديين في عموم اوربا لصالح قضيتها السياسية. ونتكلم عن المجلس الايزيدي في سنجار الذي تم تشكيله مؤخراً وهم يصولون ويجولون في أوربا مستثمرين دموع ودماء وآلام الايزيديين لصالح قضيتهم القومية. وكذلك علينا أن نتكلم عن سلبيات إنشاء كانتون شنكال الذي لا يقل خطورة على مستقبل الايزيديين من كل هذه الانتقادات بحق الشخصيات الايزيدية السياسية والاعتبارية.
المحصلة التي ارغب التوصل اليها في هذه المناسبة هو أنه علينا تعرية مواقف الذين خانوا القضية الايزيدية سواء أكان من الايزيديين أو غيرهم، وفي الوقت ذاته أن نقوِّم ونثني على جهود القائمين بالمواقف الايجابية حتى وإن كانت هنالك دعم لمواقف احزابهم السياسية.

علي سيدو رشو
alirasho@yahoo.de     


0 التعليقات: